وحكى الماوردي وجهين في إيجاب تعريف ما له قيمة، إلا أنه لا تتبعه نفس صاحبه، ولا يطلبه إن ضاع منه: كالرغيف، والدانق من الفضة.
وقد حكى ابن الصباغ- أيضاً- وجه عدم وجوب التعريف، وجزم به، لكنه لم يمثل.
والتقاط السنابل وقت الحصاد، قال المتولي: إن أذن مالك الزرع فيها، أو كانت بحيث يشق على المالك لو علم بها أن يلتقطها، حل التقاطها، وإلا لم يحل، قاله المتولي.
واعلم أن التعريف تدخله النيابة، لكن لا يعرف من جرت عادته بالخلاعة والمجون، فإن فعل لم يعتد به.
قال:"ويجوز التعريف في سنة متفرقة" أي: مثل أن يعرفها في شهر من كل سنة، أو أكثر إلى أن تكمل سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق السنة؛ فاحتمل التوالي، واحتمل التفريق، وكان كما لو نذر صيام سنة؛ فإن له تفريقها أو موالاتها.
"وقيل: لا يجوز"؛ لأن القصد من التعريف [أن] يبلغ صاحبها، ويقف على خبر ماله، وإذا فرقها لم يحصل له المقصود بذلك، وهذا ما أورده الإمام، وقال في "التجريد": إنه المذهب.
فعلى هذا: ليس من شرط الموالاة أن يعرف الأيام والليالي في جميع السنة؛ بل المعتبر أن يعرف بالنهار دون الليل، ولا يشترط- أيضاً- استيعاب النهار؛ بل يعرف بالابتداء في كل يوم مرتين في طرفي النهار، وفي أوقات الصلاة على أبواب المساجد، ثم في كل يوم مرة، ثم في كل أسبوع مرة أو مرتين، ثم في كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار لما مضى، ولو قطع الموالاة الواجبة، لم يعتد بذلك التعريف السابق، وعليه الاستئناف، وهل يصير ضامناً؟ فيه الخلاف السابق المبني على أن المبادرة إلى التعريف هل تجب أم لا؟
قال:"والأول أظهر"، وهو الذي صححه القاضي الحسين والفوراني في "الإبانة".
وقال البندنيجي: إنه المذهب، وبه أجاب الروياني؛ لما ذكرناه.