فإن قيل: قد روى البخاري في خبر أبي بن كعب الذي تقدم، أنه أمره بتعريفها ثلاثة أحوال؛ [فلم لا جريتم على ذلك؟.
قيل: لأن البخاري روى عن سعيد من طريق آخر أنه قال: "فَلَقِيْتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِداً".
وفي مسلم في بعض طرقه: قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرفها عاماً واحداً.
وإذا اختلفت الطرق عمل بالمتفق عليه وهو الحول.
ولأن المسلمين- كما قال ابن المنذر- أجمعوا على أنه لا يجب تعريفها ثلاثة أحوال، وإنما يجب حولاً واحداً.
قال:"وإذا عرف" أي: بعد قصد التملك، ولم يجد المالك، "واختار التملك، ملك"؛ لحديث زيت بن خالد؛ فإنه جعل فيه التملك إلى اختياره بقوله:"فَشَانَكَ بِهَا"، ولأنه تمليك مال ببدل، فتوقف على الاختيار؛ كالبيع، ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير؛ لقصة أبي بن كعب وغيره.
وقيل: يدخل في ملكه بالتعريف، أي: بانقضاء التعريف، [سواء اختار التملك بعد الحول أو سخطه وكان قد قصد عند الأخذ التملك بعد التعريف]، كما ذكرنا.
ووجهه: ما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن اللقطة؛ فقال:"مَا كَانَ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَيْتَاءِ أَوِ الْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِيءْ فَهِيَ لَكَ". فجعلها له، ولم يعتبر اختياره.
والطريق الميتاء: الطريق المسلوك القديمة، سميت بذلك؛ لإتيان الناس