صورة مسألة الكتاب من الرقبى: الجزم بالبطلان, وحكاية الخلاف فيما إذا قال: جعلت الدار رقبى, فالجديد الصحة, والقديم: البطلان, كما حكى مثله فيما إذا قال: جعلت هذه الدار [لك] عمري.
قال: ولا يصح شيء من الهبات إلا بالإيجاب والقبول؛ لأنه تمليك ناجز؛ فافتقر إلى الإيجاب والقبول؛ كالبيع والنكاح.
وعن ابن سريج: أن القبول في الهبة يجوز تأخيره عن الإيجاب؛ كالوصية؛ كذا حكاه ابن الصباغ, وكذا الرافعي عن كثير من أصحابنا.
وفي "تعليق" البندنيجي حكايته عن ابن سريج في قبول الهدية؛ لأن ذلك عادة الهدايا, وكذلك قال في "التتمة": ومنع التأخير في الهبة جزمًا.
وجمع الشيخ الهبة؛ لتنوعها إلى: هبة يقصد بها التقرب إلى الله –تعالى –وهي الصدقة, وإلى هبة تحمل إلى الموهوب؛ منه لقصد تعظيمه وهي الهدية, وإلى هبة خالية عن ذلك وهي المفهومة عند الإطلاق من هذا اللفظ, وهذه طريقة الشيخ أبي حامد, كما صرح بها المحاملي في "المجموع", وكذا القاضي أبو الطيب حيث قال في "التعليق": إن صدقة التطوع لا بد فيها من الإيجاب والقبول.
وحكى ابن الصباغ عن الشيخ أبي حامد: أنه قال: إذا أراد [أن يملك] الهدية, وكل الرسول الحامل لها حتى يوجب, فيقبل المهدي إليه.
وجزم في "الحاوي" بأن الهبة تفتقر إلى إيجاب وقبول, وفي الهدية بعدم ذلك, ويكفي فيها الأخذ والدفع بالرضا, سواء كان الدافع المهدي, أو رسوله, إذا غلب على ظن المهدي إليه صدقه, ويجوز له التصرف فيها, وبهذا أجاب الفوراني والمتولي والبغوي, وكذا القاضي الحسين, وصرح بمثله في الصدقة أيضاً, [وقال