ولا يثبت لحرم المدينة هذا الحكم، على أصح الوجهين، قال القاضي أبو الطيب وغيره: بناء على قول الشافعي – رضي الله عنه – في الجديد: إنها ليست بحرم.
ويثبت؛ بناء على قوله في القديم: إنها حرم، ومن قتل منها صيداً يسلب ما عليه من الثياب.
قال الرافعي: ومنهم من حكى التردد إذا قلنا بهذا القول.
وهل يثبت هذا الحكم في قتل المحرم الحلال؟ فيه وجهان:
وجه الثبوت – وهو المحكي عن أبي الفياض البصري، وابن أبي هريرة -: أن الإحرام لما أوجب ضمان الصيد كما أوجبه الحرم، كذلك يوجب التغليظ كما أوجبه.
وأصحهما: المنع.
والفرق: أن حرمة المكان لازمة، بخلاف حرمة الإحرام.
وحكى القاضي الحسين الوجهين، فيما إذا قتل حلال محرماً.
وقتل ذي الرحم إذا لم يكن محرماً هل تتغلظ فيه الدية؟ فيه وجهان:
اختيار الشيخ أبي محمد والقاضي الروياني: أنها تتغلظ؛ لما فيه من قطيعة الرحم [وتأكيد الحرمة، وعلى هذا يدل ظاهر النص؛ فإنه قال: وذي الرحم].
والأكثرون على المنع؛ كما لا تتغلظ بحرمة الرضاع والمصاهرة، وادعى القاضي الحسين إجماع الأصحاب على أن المحرمية شرط.
واعلم أن التغليظ في الدية يكون من ثلاثة أوجه: التخصيص بالجاني، وكونها حالة، وكونها مثلثة، وذلك يختص بجناية العمد.
وتخفيفها يكون من ثلاثة أوجه: كونها على العاقلة، وتأجيلها، وتخميسها، وذلك يختص بجناية الخطأ.
وتخفيفها من وجهين: وهو كونها مؤجلة على العاقلة [على الأصح – كما سنذكره من بعد] وتغليظها من وجه، وهو كونها مثلثة، ويختص ذلك بجناية عمد الخطأ وبالقتل خطأ في الأشهر الحرم، أو في الحَرَم، أو ذا رحم [محرم]، كما ذكرناه، وقد صرح بذلك البندنيجي.
وبذلك يظهر لك مراد الشيخ بقوله: وجبت مغلظة، عمداً كان أو خطأ.