قال الماوردي: ولو جعل عمد الصبي عمداً، وعمد المجنون خطأ، لكان الفرق بينهما أشبه؛ لأن العبادات تصح من الصبي، ولا تصح من المجنون، لكن القولين في الجميع بينهما مطلقاً؛ فأطلقناه مع الفرق الذي أراه.
[ثم] على القول الثاني لا يكون لهما [عمد] خطأ، قال الإمام - عند اصطدام الصبيين -: لأن شبه العمد إنما يتصور فيمن يتصور منه العمد المحض؛ فعلى هذا تجب الدية مخففة من كل وجه إذا لم تقع في الأشهر الحُرُم، [أو في الحَرَم]، [أو] في رحم محرم.
أما إذا وجد مع واحد مما ذكرناه، فلم أر فيه نقلاً، ويجوز أن يقال [بتغليظها بالتثليث؛ أخذاً من قول الشيخ: عمداً كان أو خطأ، ويجوز أن يقال] بعدمه؛ لأن التثليث وجب في قتل الخطأ عند وقوعه في الأشهر الحُرُم وما في معناها؛ [إلحاقاً لذلك بعمد الخطأ]، وقد ذكرنا أنه لا عمد خطأ للصبي والمجنون، وإذا امتنع في حقهما المشبه به، فالمشبه أولى.
أما إذا لم يكن لهما تمييز، فقد قال القاضي الحسين في "التعليق"، والإمام، وغيرهما: إنه لا عمد لهما قولاً واحداً.
وفي "الحاوي"، في آخر كتاب الديات: أنا على القول الأول نسوي بين الصبي والمجنون، سواء كان مميزاً أو غير مميز، وهل يتعلق بقتل من لا تمييز له منهما ضمان؛ وكذا إذا أتلفا مالاً هل يتعلق [الضمان بمالهما]؟ فيه وجهان خرجهما الشيخ أبو محمد من الخلاف الذي ذكرناه فيما إذا أمر السيد عبده الذي لا تمييز له بقتل شخص، هل يتعلق الضمان برقبته، أم لا؟
وجه المنع: أنه شبيه بإتلاف البهيمة العادية.
والذي يقتضيه إيراد الجمهور: إيجابه؛ لأنهم ادعوا أنه خطأ، وادعى المتولي أنه خطأ بلا خلاف.