للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن كان للقاتل أو للعاقلة إبل، وجبت الدية منها.

يعني: إذا كان للقاتل إبل حيث تجب الدية عليه؛ بأن كان القتل عمداً، أو خطأ ثبت بإقراره – كما ذكر الماوردي، والبندنيجي، وابن الصباغ – أو للعاقلة إبل حيث تتحمل الدية؛ [بأن كنا الفعل خطأ، وقد ثبت بالبينة أو بإقرار العاقلة – وجبت الدية] من نوعها؛ كما تجب الزكاة من النوع الذي يملكه من تجب عليه الزكاة.

ولا فرق في ذلك بين أن تكون إبل البلد مثلها أو دونها أو فوقها.

وحكى الإمام وجهاً عن محققي المراوزة – ورجحه -: أن الاعتبار بغالب إبل البلد؛ لأن الدية عوض متلف، واعتباره بملك من عليه بعيد.

فعلى هذا: إن كانت إبل البلد نوعين فأكثر، ولا غالب فيها – فالخيرة إلى المعطي.

وعلى الأول –وهو الذي نص عليه في "المختصر" في مسألة العاقلة-: لو كانت إبل الجاني مختلفة الأنواع؛ فأخرج من كل نوع بحصته – جاز، وهذا ما أوجبه ابن الصباغ عليه.

والماوردي قال: إذا أراد أن يعطي من أحد الأنواع، فإن أخرج من الأعلى جاز، [وإن كان أرذلها، وإن لم يكن فيها غالب، فإن أخرج من الأعلى جاز]، وإن أخرج من الأدنى لم يجز، إلا أن يرضى به [الولي، وهذا بخلاف الزكاة؛ حيث لا يجوز له إخراج نوع دون ما وجب عليه، وإن رضي به] الفقراء؛ لما في ذلك من إبطال حق الله تعالى.

ولو كانت إبل العاقلة مختلفة، نظر: فإن كان لكل منهم نوع واحد؛ فيؤخذ من كل واحد منهم من النوع الذي يملكه. وإن كان لكل منهم انواع، فحكمه حكم القاتل، إلا في عدم إجزاء الأدنى؛ فإنه يجوز هاهنا.

قال الماوردي: لأنها تؤخذ من العاقلة؛ مواساة، ومن الجاني استحقاقاً.

وحكى الرافعي وصاحب "الحلية" فيما يجب على الواحد عند اختلاف الأنواع عنده – وجهين:

أحدهما: غالب إبله؛ فإن استووا يُخَيَّر.

والثاني: يجب من كل نوع بقسطه؛ فإن أخرج الجميع من نوع واحد، وكان أجودها – جاز، وهذا ما حكاه الأصحاب، وعليه إشكال سأذكره في آخر باب

<<  <  ج: ص:  >  >>