قال: وإن لم يكن لهما إبل وجبت من غالب إبل البلد، فإن لم يكن فمن غالب إبل أقرب البلاد إليهم؛ كما قلنا بذلك في زكاة الفطر، وهذا في حكم أهل البلدان.
فإن كانوا من أهل القبائل اعتبر غالب إبل القبيلة؛ فإن لم يكن فمن غالب إبل أقرب القبائل إليهم.
قال: ولا يؤخذ فيها معيب ولا مريض؛ لأنها بدل متلف؛ فكان من شرطه الصحة والسلامة من العيب؛ قياساً على سائر أبدال المتلفات.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون إبل القاتل والعاقلة صحاحاً أو مراضاً، سليمات أو معيبات، بخلاف الزكاة؛ بخلاف الزكاة؛ حيث تؤخذ المراض من المراض، ومن المعبات معيبة؛ لأن الزكاة استحقاق جزء من عين المال؛ فكانت معتبرة بصفة المال، والدية تجب في الذمة؛ فكان من شرطها الصحة والسلامة.
وأيضاً: فإنا لو أوجبنا في الزكاة صحيحة من مراض لأدى إلى أن يأتي على أكثر من ربع العشر، والشرع إنما أوجبه، وليس كذلك الدية؛ فإنه يجب الجزء اليسير منها، ولا يؤدي إلى الإجحاف؛ لأن الموسر تجب عليه في ثلاث سنين دينار ونصف – على رأي – ونصف دينار على آخر، وإذا تقرر ذلك وجب على القاتل أو العاقلة في هذه الحالة: الإخراج من نوع إبلهما، سواء كانت إبل البلد أو القبيلة أعلى منها أو دونها أو مساوية لها.
قال: فإن تراضيا على أخذ العوض عن الإبل، جاز؛ لأنها حق مستقر في الذمة؛ فجاز أخذ البدل عنه؛ كسائر أبدال المتلفات.
قال صاحب "البيان": هكذا أطلقوه، وليكن ذلك مبنيًّا على أنه يجوز الصلح عن إبل الدية. وهذا منه إشارة إلى حالة الجهل بالصفات، ومعرفة القدر، والسن؛ إذ ذلك محل الخلاف في جواز الصلح عيها والاعتياض؛ كما صرح به القاضي الحسين في باب عفو المجني عليه ثم يموت.
أما إذا كانت معلومة القدر والسن والصفات فلا نزاع في جواز الصلح عليها،