قال الرافعي: وقد يتأتى معرفة التفاوت بغير الزمان؛ بأن يقابل [صواب فعله، ومنظوم قوله] بالخطأ المطروح منهما، وتعرف النسبة بينهما؛ فيجب قسط الزائل، وهكذا ما ذكره في التهذيب.
قال: وإن لم يعرف، أي: مثل أن صار إذا سمع صيحة زال عقله، ثم يعود؛ كما قال في "المهذب"، أو يفزع مما لا يفزع منه العاقل، ويستوحش إذا خلا؛ كما قاله ابن الصباغ وغيره.
قال: وجبت حكومة؛ لتعذر الأرش المقدر.
واعلم أن قول الشيخ:"فإن نقص ما يعرف قدره" فيه منازعة؛ فإن الماوردي قال: إن العقل الغريزي لا يتبعض في ذاته؛ لأنه محدود بما لا يتجزأ؛ فلا يصح أن يذهب بعضه، ويبقى بعضه، ولكن قد يتبعض زمانه؛ فيعقل يوماً، ويجن يوماً؛ فتوزع الدية عليها.
قال: فإن ذهب العقل بجناية [لا أرش] لها مقدر، أي: كالحارصة والدامية [والباضعة] والمتلاحمة والسمحاق.
قال: دخل أرش الجناية في دية العقل؛ لأن عمر – رضي الله عنه – أوجب للمشجوج رأسه أربع ديات، ولم يوجب له أرش الشجة؛ فلو وجب لقضى به.
قال: وإن ذهب بجناية لها أرش مقدر: كالموضحة، وقطع اليد والرجل – ففيه قولان:
أصحهما: أنه لا يدخل أرش الجناية في دية العقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"في الموضحة خمس من الإبل، وفي اليد خمسون من الإبل، [وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ]، وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ"، فنص على هذه التقديرات؛ فلم يجز إسقاطها.