أسرهم، فقضى عليه قاضيهم بضمان ما أتلف في الحرب، لم ينفذ قضاؤه، وكذا لو حكم بسقوط الضمان عمن أتلف شيئاً في غير القتال، فإن حكم بسقوط ضمان ما أتلفوه في حال الحرب أنفذناه؛ لأنه محل الاجتهاد.
فرع: إذا ورد على قاضي أهل العدل كتاب من قاضي أهل البغي، وهو لا يدري أنه يستحل دماء أهل العدل وأموالهم أو لا – فقد حكى ابن كج في تنفيذه قولين، وقال: إن اختيار الشافعي – رضي الله عنه – منهما: أنه لا يقبل ولا يعمل به.
قال: وإن أخذوا الزكاة والخراج [والجزية] اعتد به، [أي: اعتد به] أهل العدل للمأخوذ منه إذا رجعت البلاد إليهم؛ اقتداء بعلي – كرّم الله وجهه – فإنه قاتل أهل "البصرة" ولم يتبع ما أخذوه من الحقوق، ولأنهم أخذوا ذلك بتأويل سائغ؛ فأشبه حكم الحاكم [باجتهاد سائغ] لا ينقضه آخر، ولأن في إعادة الطلب إضراراً بأهل البلدة ومشقة شديدة؛ فغنهم قد يغلبون على البلاد السنين الكثيرة، وفي "تعليق" القاضي الحسين [حكاية وجه]: أنهم إن أعطوا الزكاة بطيب أنفسهم من غير كره منهم لا يسقط عنهم، وقضية ذلك أن تطرد في غيرها.
قال الرافعي: وفي الجزية وجه رواه الفوراني وغيره: أنه لا يُعتد بأخذها؛ لأنها عوض السكنى، والأعواض بعيدة عن المسامحة.
قلت: وقضية هذا التعليل: أن يطرد هذا الوجه في الخراج، لكن كلام الفوراني يفهم التعليل بشيء آخر؛ لأنه قال – بعد أن حكى: أنهم إذا أخذوا الجزية فلا ينبني كما في أخذ الصدقات -: وقيل: فيه وجه ىخر: ينبني، والرق: أن الذمي ليس بأمين على ما عليه من الجزية، يشير بذلك إلى أنه متهم في الدفع لهم على وجه الإكراه؛ لأنه عدو لأهل العدل؛ فيكون كما لو دفعها بالرضا، وقد تقدم في دفعها بالرضا احتمال وجه في عدم الإجزاء، وعلى هذا لا يحسن تخريج هذا الوجه في الخراج.
وفي الاعتداد بما فرقوه من سهم المرتزقة من الفيء على جندهم وجهان في "النهاية"، وظاهر المذهب: وقوعه موقعه.