للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فهاهنا محل الخلاف، وقد حكى الماوردي: أن أبا إسحاق طرد مذهبه فيما إذا وجد المضطر طعاماً لغيره وهو غير قادر على ثمنه، وفيما لو وجد ميتة، وقال: لا يجب عليه الأكل، بل يكون مخيراً فيه، وجعل محل إيجاب الأكل – جزماً – ما إذا كان مالكاً للطعام، أو واجداً لثمنه، وغيره أوجب الأكل في جميع الأحوال.

ثم إذا لم نوجب الدفع عن النفس، فهل يكون تركه مباحاً أو مندوباًظ حكى الإمام فيه خلافاً عن الأصحاب، وأثبت الخلاف المذكور في الكتاب قولين، وأشار إلى أنهما منصوصان، ثم قال: ولا خلاف في استحباب الإيثار وإن أدى إلى هلاك المؤثر، وهو شِيَم الصالحينن ويتصور من أوجه يدل البعض منها على الكل، فإذا اضطر الرجل وانتهى إلى المخمصة ومعه ما يسد جوعه، وفي رفقته مضطر، فآثره بالطعام – فهو حسن، وكذلك القول في جملة الأسباب التي يتدارك بها المُهَج.

قال: وإن قصد ماله فله أن يدفعه نه لما ذكرناه من قبل.

ولا فرق في ذلك بين ما كثر منه أو قل [ولو درهم]؛ لعموم الخبر، [وحكى الإمام في باب صلاة الخوف أن الأصحاب استنبطوا من نص نقله الأئمة والصيدلاني عن الشافعي: أنه لا يصلي صلاة شدة الخوف فيما إذا أدركه سيل، وعلم أنه لو مر مسرعاً وصلى ماراً مؤمئاً سَلِمَ وسلم ماله، ولو صلى متمكناً أن يهرب ويتلف ماله – قولاً في أن الذابَّ عن المال إذا علم أنه لا يتأتى له دفع قاصد ماله إلا بقتلهن وبما يؤدي إلى القتل – فليس له أن يدفعه، قال: وهذا بعيد جداً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، فإذا كان يجوز له أن يعرض نفسه للهلاك بسبب ماله، فَقَتْل الصائل مع الاقتصار على قدر الحاجة في الدفع أولى.

ومن منع قتل الصائل على المال، لا شك أنه يمنع مالك المال من أن يعرض نفسه للهلاك في الذب عن المال، وإذا قال هذا فيكون مخالفاً للخبر، والله أعلم].

قال: [وله تركه؛] لأنه يجوز له أن يتجه إياه، وفي "التهذيب": أن الأمر كذلك إذا لم يكن المال حيواناً، أو كان ولم يقصد إتلافه، أما إذا قصد إتلافه فإنه يجب عليه الدفع ما لم يخش على نفسه؛ لحرمة ذي الروح.

قال: وإن قصد حريمه –أي كولده وزوجته ونحوهما – بقتل، أو لينال من

<<  <  ج: ص:  >  >>