فتسقط حرمته ويبقى كافراً صائلاً على مسلم، وإن قلنا: إنه لا ينتقض عهده بصياله – كما هو وجه ضعيف – فلا حرمة للذمة حالة القتال والصيال، وعلى الجملة فالاستسلام للكافر ذل، وقد حكى ذلك عن الأصحاب في باب: صلاة الخوف.
وعن "جمع الجوامع" للروياني: أن الصائل إذا كان كافراً فالأولى له أن يقاتل، ويكره له ترك القتال والدفع عند الإمكان. وهذا يشعر بالتجويز كما أفهمه إطلاق [كلامي الشيخ، والمشهور الأول، وفي "الحاوي" إلحاق المجنون بالبهيمة وقال: إنه لو كف عن الدفع كان كالإذن في قتل نفسه، وقد حكى الإمام عن شيخه في كتاب صلاة الخوف طريقة قاطعة تمنع الاستسلام لغير المكلف كما في البهيمة؛ نظراً إلى ما دَلَّ عليه قوله تعالى:{أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}[المائدة: ٢٩]، وهذا ليس بآثم. ثم قال: و [هذا] فيه نظر؛ لأن المحذور قتل مسلم، وهذا متحقق في الصبي والمجنون، ولعله أظهر من جهة أنهما لا يأثمان وليسا كالسبع يصول؛ فإنه يتعين دفعه قطعاً، وعلى ذلك جرى الرافعي، وجعل الأظهر طريقة القولين كما اقتضاه كلام الشيخ وغيره.
الثاني – وهو ما دل عليه المفهوم -: أنه إذا قصد عضواً من أعضائه لا يكون الحكم فيه كالحكم في قصد القتل، والأصحاب مطبقون على أن له الدفع، وساكتون عن الوجوب وعدمه فيما وقفت عليه من كتبهم إلا ما سأذكره عن الإمام.
الثالث- وهو ما دَلَّ عليه المفهوم أيضاً-: أنه إذا قصد قتل غيره، وليس ذلك الغير من حريمه، لا يكون الحكم فيه كما تقدم، وقد حكيت عن الإمام أنه قال في صلاة الخوف: إن الذب عن دم الغير بمثابة الذب عن دم نفسه في جميع ما ذكرناه.
وقال في باب صول الفحل: إن الذي اختاره المحققون من الفقهاء أن حكمه في حق غيره كحكمه في الدفع عن نفسه حتى يكون واجباً عليه على قولٍ، وبه أجاب في "التهذيب" وعلله بأن الحق لغيره، لويس له أن يجود بحق غيره، لكن بشرط