للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاستسقاء والجنازة، وهو كذلك؛ لأنه لم ينقل أن ذلك فعل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في زمن أحد من الصحابة- وهم القدوة- بل قد ورد ما قد يدل على اختصاص ذلك بالمكتوبة، إذا ضم إلى ما قدمناه من خبر أبي هريرة، وهو ما روى ابن عمر قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثةٌ في كُثْبَانِ الْمِسْكِ- أراه قال: يَوْمَ الْقِيَامَةِ- يَغْبِطُهُمُ الأَوَّلُونَ وَالآخِروُنَ: رَجُلٌ نَادَى بِالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَرَجُلٌ يَؤُمُّ قَوْمَاً وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَعَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ". أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

وهذه السُنة تتأدى إذا اشتهر ذلك في البلد بأذان واحد إن كان البلد صغيراً، أو بأكثر منه إن كان كبيراً، حتى لو كان به مَحَالّ توقف تأدية السُنة على الإتيان به في كل محلة. وإذا كان القوم في صحراء أو بادية، فتأديتها يكون بمثل ما هو في البلد، وإذا فعل ذلك فقد حصلت السُّنة، وظهر الشعار، لكن [هل] يستحب ذلك بعد ذلك، لمن أراد إقامة الصلوات في أوقاتها الأصلية، أو لا؟ فيه تفصيل يتعين ذكره، فنقول: من حضر في الموضع الذي تقام فيه الصلاة، الأذان والإقامة؛ فلا يستحب له أن يؤذن، ولا أن يقيم وفاقاً، وكذا لو لم يكن حاضراً فيه، لكنه بلغه النداء، فحضر في المسجد قبل أن تقام الصلاة، أو قد أقيمت، وأدرك الصلاة. وإنما كان كذلك؛ لأن الغرض الأظهر الذي انبنى عليه أصل الأذان: الدعاء إلى الصلاة وإعلام الناس دخول وقت الصلاة، والغرض من الإقامة: إعلام من حضر أو قرب مكانه ممن يحضر، أن الصلاة قد قامت، ومن سمع النداء وحضر فهو مدعو مجيب؛ فلا معنى إذن لإتيانه [بذلك]، وهذا ما حكاه ابن الصباغ، وكذا الإمام، وقال: إنه لا شك فيه.

وفي "تعليق القاضي الحسين": أن بعض أصحابنا قال فيمن بلغه النداء، ووافى حضوره المسجد قبل أن تقام الصلاة، أو قد أقيمت: إنه يستحب له أن يؤذن في نفسه ويقيم، وإن كان قد تابع المؤذن وقت أذانه وقال مثل قوله، وأن الذي عليه عامة

<<  <  ج: ص:  >  >>