أصحابنا، وهو ظاهر المذهب: الأولُ. نعم، لو وافى حضوره المسجد وقد صلت الجماعة [فيه]، استحب [له] أن يؤذن ويقيم مع خفض الصوت، ويكره رفعه؛ لأنه يوهم الجيران وقوع صلاتهم قبل دخول الوقت، خصوصاً إن كان ثَمَّ غيمٌ، وربما شق ذلك على المؤذن، وهذا قد حكاه ابن الصباغ عن نصه في "الأم"، وأنه لا فرق فيه بين أن يرجو حضور جماعة أو لا، ولم يحك سواه.
وفي "تلخيص الروياني" أنه نص في "الأم" على: أنه يستحب أن يؤذن ويقيم، وقال في موضع آخر من "الأم" ما يدل على أنه لا يستحب. قال: وليست المسألة على قولين، بل هي على حالين: فإن كان الإمام والناس انصرفوا أو فرغوا يؤذن ويقيم، وإن دخل حين فرغ الإمام من الصلاة لا يؤذن ولا يقيم. فأفهم كلامه أنا إذا قلنا: يؤذن ويقيم، يرفع بهما صوته؛ لأنه قال بعد حكاية هذه الطريقة: ومن أصحابنا من قال: إنه يؤذن ويقيم في نفسه بكل حال، ولا يرفع صوته، وما قاله في "الأم" من: أنه يصلي بلا أذان ولا إقامة، أراد به الجواز.
وفي "النهاية: ما يقتضي إجراء خلاف في الأذان فيه سواء وفي الإقامة بالترتيب؛ فإنه حكى عن صاحب "التقريب" فيما إذا حضر المسجد جماعة بعد أن أقيمت الجماعة فيه بأذان المؤذن الراتب، وأرادوا عقد جماعة أخرى: أنه لا ينبغي أن يؤذن مؤذنهم رافعاً صوته، وهل يؤذن في نفسه من غير إبلاغ في رفع الصوت؟ فيه نصوص مضطربة انتزع منها قولين:
أحدهما: نعم، وهو ما حكاه المزني عن الشافعي في "المختصر الكبير"، ووجَّهه الغزالي: بأن الدعوة الأولى قد انتهت بالإجابة الأولى؛ فعلى هذا يقيم من طريق الأولى.
والثاني: لا يؤذن؛ اكتفاء بما سبق من الأذان الراتب؛ فإنه تضمن دعاء كل من حضر أولاً وآخِراً إلى انقضاء [الوقت]، وعلى هذا: فهل يقيم؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم.