للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم؛ حتى يتخلفوا لحفظ الذراري والأموال [في قولٍ، وقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله تعالى: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥].

فالآيات الأول دالة على خطاب جميع المؤمنين، [والآية الرابعة تبين] أن الجميع ليسوا مخاطبين، [وكذلك الخامسة]، ووجه الدليل منها: أن الله – تعالى – فاضل بينهم، ولايجوز أن يفاضل بين مأجور ومأزور، وإنما يحصل التفاضل بين مأجورَيْنِ؛ أحدهما أعظم أجراً من الآخر، كما فاضل بينهم في الإنفاق.

وأيضاً فقد وعد كلاًّ من المجاهد والقاعد الحسنى، ولو كان القاعد عاصياً لما وعده الحسنى، وهذا شأن فرض الكفاية، ولأنه لو فرض على الأعيان لتعطلت المعايش والمكاسب، وأدى ذلك إلى خراب البلاد؛ لأنه كان يجب ألا يتخلف صاحب صناعة، ولا من يحرث ويزرع، ولا من يحفظ البلاد من العدو، وفي هذا أعظم الفساد؛ والله لا يحب الفساد.

قال في "المرشد": والجهاد أفضل الأعمال بعد الإيمان.

وهذا إذا كان الكفار قارِّين في بلادهم غير متعلقين بأطراف بلاد الإسلام، أما إذا قصدوا بلادنا فسيأتي حكمه، إن شاء الله تعالى.

قال: إذا قام به من فيه الكفاية سقط الفرض عن الباقين؛ لأن هذا شأن [فرض الكفاية] كما هو مقرر في الأصول، والكفاية في هذه الحالة تحصل – كما قاله الماوردي وأبو الطيب والرافعي وغيرهم – بشيئين:

أحدهما: شحن الإمام الثغور بجماعة يلقون من بإزائهم من العدو، ويكافئونهم؛ فيسقط بذلك فرض الجهاد عمن خلفهم، فإن ضعفوا واستشغروا وجب على كل من وراءهم من المسلمين أن يمدوهم من أنفسهم بمن يتقوَّوْن به على قتل عدوهم، ويصير جميع من تخلف عن إمدادهم داخلاً في فرض الكفاية حتى يمدهم بأهل الكفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>