للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يدخل دار الكفار غازياً بنفسه، أو يبعث جيشاً يؤمر عليهم من يصلح لذلك، وأقله مرة، كما سيأتي، وهذا ما يقتضيه ظاهر كلام الشيخ.

ولو امتنع الكل من القيام لَحِق الحرجُ، لكن هل يعم الجميع أو يخص الذي يدنو إليه؟ حُكي عن رواية ابن كج فيه وجهان، المذكور منهما في "الحاوي" وكذا "تعليق" أبي الطيب: الأول؛ حيث قالا: ومتى لم يُخلِّ بالثغور من الرجال قدراً يحصل بهم الكفاية لم يسقط الفرض عن الباقين، وكان الإمام وجميع الناس آثمين بذلك، وعلى الجملة: فالذي يلحقه الحرج من عَلِمَ وقدر على القيام به، ومن لم يعلم وكان قريبا ًمن الموضع بحيث يليق بحاله البحث والمراقبة – آثمٌ أيضاً من جهة ترك البحث.

قال الإمام: ويختلف هذا بكبر البلد وصغرها، وقد يبلغ التعطيل مبلغاً ينتهي خبره إلى البلاد؛ فيجب عليهم السعي في التدارك، فإن لم يفعلوا نالهم الحرج، وهكذا على التدريج الذي ذكرناه إلى أن يعم الخطة.

وإذا قام بالفرض جَمْعٌ لو قام به بعضهم لسقط الحرج عن الباقين، فكلهم مؤدون الفرض؛ لتساويهم في صلاحية القيام، وشمول الحرج للكل لو تعطل.

قال الإمام: وإذا صلى على الميت جمع، ثم صلى آخرون، فالوجه أن يجعلهم بمثابة المقاربين للأولين في الصلاة؛ فإن التنفل بصلاة الجنازة لا نرى له أصلا في الشرع.

قال: ومن حضر الصف [وهو] من أهل الفرض تعيّن عليه؛ لقوله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ} الآية، وقوله – تعالى-: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}، أما إذا حضره من ليس من أهل الفرض، فكلام الشيخ يقتضي أنه لا يتعين عليه، وقد صرح به القاضي الحسين في كتاب قسم الفيء في أواخره، حيث قال: فأما الصبي والمجنون والعبد والمرأة والمريض والضعيف الذي لا يطيق القتال، لا يعطون من أربعة أخماس الفيء؛

<<  <  ج: ص:  >  >>