لأنهم ليسوا من أهل الجهاد بدليل أنهم لو حضروا الصف لم يتعين عليهم [القتال]. وقد صرح بذلك - أيضاً- الشيخ أبو حامد وغيره في المريض والأعمى والأعرج، وقال غيرهم خلافه، وسيأتي الكلام فيه، و [صرّح به] ابن يونس في العبد والكافر، وحكى القاضي الحسين هنا أن [النص في] العبد إذا حضر بإذن سيده تعين عليه كالحر، وإن كان بغير إذنه فلا يأثم بالانصراف، كما نص على أنه لا إثم على المرأة؛ لكونها ليست من أهل القتال.
[وجزم الإمام في "الغياثي" بأن العبد يتعين عليه المصابرة وإن حضر بغير إذن سيده، وكذلك الولد إذا خرج بغير إذن أحد أبويه إلى أن تضع الحرب أوزارها].
وقال [في "النهاية"] في أهل الذمة: الذي أراه أنهم يمنعون من الانصراف إذا حضروا بإذن الإمام؛ لما فيه من الضرر.
ثم ما المتعين بحضور الصف؟ الذي يظهر أنه الجهاد، وفي "تعليق" البندنيجي: أن المتعين جزماً الثبات وعدم الانصراف، وأما القتال فإن كان في المسلمين قلة ولا يكفي بعضهم لقتال المشركين، فيتعين القتال أيضاً، وإن كان فيهم من يقوم بالقتال- يعني: وتقدم إليه - قال: فهو بالخيار إن شاء قاتل وإن شاء ترك. وسأظهر من كلام الإمام- من بعد - ما يقتضي إجراء خلاف في وجوبه في هذه الحالة أيضاً - إن شاء الله تعالى، وأن الصحيح وجوبه كما اقتضاه ظاهر كلام الشيخ، والله أعلم.
وكما يتعين الجهاد بحضور الصف يتعين أيضاً في حالتين، حكاهما الماوردي:
إحداهما: إذا حل العدو بلاد الإسلام -[والعياذ بالله]- ووطئها؛ فيتعين فرض قتاله على أهل البلاد التي وطئها وأذلها، وإن لم يكن بأهلها قدرة على دفعه تعين فرض القتال على كافة المسلمين؛ [حتى تنكشف البلاد من العدو