للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بلاده، وإن كان بهم قدرة على دفعه، لم يسقط بهم فرض الكفاية عن كافة المسلمين ما دام العدو باقياً في ديارهم، وهل يتعين عليهم كما تعين على أهل الثغر؟ فيه وجهان، فإن انهزم أهل ذلك الثغر عنهم، صار فرض جهادهم متعيناً على كافة الأمة، وجهاً واحداً، حتى يردوه إلى بلاده إن لم يستصحب معه شيئاً للمسلمين، أو أسيراً منهم، إلا فحتى يسترجع ذلك من أيديهم.

الحالة الثانية: إذا أطل العدو على بلاد المسلمين لقتالهم وخافوه؛ فيتعين فرض الجهاد على كل من أطاقه وقدر عليه من البلاد التي أطلها، وكذلك إذا لم يطل العدو لكنه قصد بلاد الإسلام، وبقي بينه وبينها [دون] مسافة القصر. ويدخل في هذا التعيين جميع من في الثغر من المجاهدين، سوى النساء إذا لم يكن فيهن قوة الدفع، وكذا الصبيان والمرضى، ويدخل فيه من عليه دين، ومن له أبوان لا يأذنان له؛ لأنه قتال دفاع وليس بقتال غزو، فيتعين فرضه على كل مطيق، وكذا يدخل فيه العبيد بدون إذن السادة، إن لم يكن في الأحرار مدفع.

قال الإمام: وبهذا يتبين أن العبد من أهل القتال، ولكن إذا لم يتعين فحق السيد مقدم. ولو أمكن مقاومة الأحرار لهم من غير موافقة العبيد، لكن بالموافقة تقوى القلوب – فوجهان حكاهما المراوزة، أحدهما: أن الجواب كذلك، وهو قضية [كلام] الماوردي، والنسوان اللاتي فيهن قوة [كالعبيد]، صرح به الإمام وغيره.

وفي "الرافعي" أن ابن أبي هريرة قال فيما إذا أطل العدو: لا يكون الجهاد فرض عين، بل هو فرض كفاية أيضاً، وهذا يأتي في الحالة الأخرى من طريق الأولى.

والمذهب: الأول، وعليه ينظر: إن كان عدد العدو أكثر من مثلي عدد من في الثغر – لم يسقط فرض الكفاية عن كافة المسلمين، ووجب على الإمام إمدادهم

<<  <  ج: ص:  >  >>