للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: لا يثبت لهم حقيقة الملك قبل [القسم، وإنما] يثبت لهم حق الملك؛ لأن من أعرض منهم سقط حقه، ولو ملكوا بالاستيلاء لاستقر ملكهم؛ كما يستقر ملك المصطاد والمحتش والسارق من مال الكفار من غير مطاردة وقتال. وهكذا أورد الحكم البندينيجي والقاضي أبوا لطيب، وكذا ابن الصباغ في كتاب الزكاة، واستدل له بأن الواحد منهم إذا سقط حقه سقط، ولو كانوا قد ملكوا الأعيان لم تسقط بالإسقاط؛ كالميراث. وأسند أبو الطيب هذا التعليل إلى أبي إسحاق.

والوجه الثاني: أنه يثبت لهم ملك ضعيف؛ كما يثبت للمشتري في زمان الخيار على القول الصحيح؛ فإن سبب الملك الاستيلاء؛ فاستحال أن يثبت السبب ولا يثبت الملك، وأيضاً: فإن ملك الكفار زال، والأموال المغنومة أملاك محضة، ويبعد على مذهب الشافعي- رضي الله عنه – ملك [لا مالك له].

والوجه الثالث: أن ملكهم موقوف، فإن سلمت الغنيمة حتى قسمت، تبين لنا أنهم ملكوها لما غنموها، وإن لم تتفق القسمة حتى تلفت الغنيمة، أو أعرض من يريد الإعراض، فيتبين لنا أن الغنيمة لم تملك إن تلفت، ويتبين أنه [لم] يملكها من أعرض عنها، وهذا مع تعليل الوجه الأول يدل على أن الخلاف في ملك الواحد من الغانمين، على الإشاعة.

ثم قال الإمام: والرأي الحق أنا لا نقول: نتبين أن حصة كل واحد من الغانمين كانت له على التعيين قبل القسمة.

وحكى صاحب "التقريب" وجهاً غريباً مفرعاً على قول الوقف: أنا نتبين بالقسمة أن كل واحد منهم ملك الحصة التي أصابته عند الاستيلاء على المغنم، وهذا على نهاية البعد، وقد ظهر لك مما ذكرناه أن الواحد من الغانمين إذا أعرض قبل الرضا بالملك أو أسقط حقه نفذ إعراضه.

قال الأصحاب: ويقدر كأنه لم يحضر مع الغانمين، وتقسم الغنيمة خمساً وأربعة أخماس، وهكذا أورده الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>