قلت: وحينئذ تكون فائدة إعراضه راجعة إلى الغانمين لا إلى أهل الخمس، وكلام الإمام في آخر الفصل – كما سنذكره – مصرح بأن نصيب المعرض يكون أربعة أخماسه للغانمين، وخمسه لأهل الخمس. وفيه وجه حكاه الرافعي: أنه يضم جميع نصيبه إلى الخمس، وهذا ما أبداه الإمام تخريجاً لنفسه مما سنذكره من تخريج ابن سريج، وقال: إنه تكلف، والمذهب الذي عليه التعويل: الأول، وهو إخراجه من البين.
قلت:[وقضية ما حكيناه] في باب قتال المشركين عن ابن الصباغ من الجزم به فيما إذا كان قد أسر أباه وحده، واختار الإمام استرقاقه، فرد الآسر الملك – أن خمسه لأهل الخمس، والأخماس الأربعة [تكون لمصالح المسلمين – أن يكون هذا حكم نصيب الراد من جملة الغانمين، إلا أن يقال: إنما صرنا إلى ذلك ثَمَّ؛ لأنه تعذر الصرف للغانمين، ولابد من الصرف لجهة الخمس، وجهة أخرى، وهاهنا أمكن للصرف]، إلى جهة الغانمين؛ فلا ضرورة في صرفه إلى جهة المصالح.
وفي كلام الإمام أن محل نفوذ الرد بالاتفاق إذا لم يفرز الإمام الخمس، وكان المعرض بعض الغانمين، أما إذا أفرزه، وأفرز ما يخرج من رأس الغنيمةن ولم يقسم ما للغانمين – فالمذهب وهو المنصوص: أن الإعراض نافذ أيضاً، وذكر ابن سريج قولاً مخرجاً؛: أنه لا ينفذ، ثم قال الإمام: والذي أراه: أن الإمام إن استبد بإخراج الخمس، فحقوق الغانمين لا تحول عما كانت عليه، وإن استقسموا الإمام، واستدعوا منه أن يميز الخمس فأجابهم، فهذا يشعر باختيارهم تأكيد حقوق أنفسهم.
قلت: وهذا يظهر بناؤه على ما إذا قال الغانمون: اخترنا الغنيمة قبل القسمة، فإن الملك هل يلزم بذلك؟ فيه وجهان حكاهما الإمام، فإن قلنا: إنه لا حكم لذلك، بل لا تستقر الحصص إلا بالقسمة والإفراز – فلا اثر لما صدر من سؤال القسمة من طريق الأولى، وإن قلنا: إن ملكهم يستقر بذلك حتى لو فرض