عقد الهدنة عقد أمان؛ فجاز نقضها بالخوف، والذمة عقد معاوضة؛ فلا يجوز نقضها بالخوف، ولأن عقد الذمة أقوى بدليل تأبيدها.
وعن أبي الحسين بن القطان رواية قول أنه لا ينبذ بدلالة الخيانة كما في أهل الذمة. والصحيح الأول.
ولا بد في نقض العهد في هذه الحالة من حكم الحاكم بالنقض؛ لأنه يحتاج إلى اجتهاد ونظر.
وعن الشيخ أبي حامد: أنه ينتقض بنفس خوف الخيانة. والمنصوص الصحيح: الأول.
وإذا حكم به ردهم [إلى مأمنهم] بعد استيفاء ما وجب عليهم من حقوق الله – تعالى – وعباده إن كانت، وهذا بخلاف ما لو صدر منهم ما يقتضي نقض العهد كقتل مسلم، أو أخذ ماله، أو تظاهر بالقتال، أو بعذر الإسلام، أو بسب النبي صلى الله عليه وسلم أو القرآن، كما قاله الماوردي، وكذا كل ما يضر بالمسلمين مما ذكرناه في باب عقد الذمة، وإن لم تنتقض به الذمة – كما صرح به الإمام – فإنه لا يحتاج إلى الحكم فيه؛ لظهوره، ولا يبلغهم المأمن، بل هم أهل حرب بفعل ذلك، كما قاله الماوردي [وغيره]؛ قال الله تعالى:{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} الآية [التوبة: ١٢].
وفي "النهاية" حكاية وجه: أنهم إذا لم يعلموا أن ذلك ينقض العهد، فلا يغتالهم قبل تعريفهم أنه انتقض.
وقال الرافعي: إن محل اغتيالهم إذا نقضوا العهد إذا كانوا في بلادهم، [فأما من دخل] دارنا بأمان أو عهد، فلا يغتال وإن انتقض عهده، بل [يبلغ إلى مأمنه]، كذلك نقله القاضيان ابن كج والروياني وغيرهما.