للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردعه، وزجره عن اليمين الفاجرة، وبذلك يحصل.

وقيل: يحلف بالله الذي خلق النار والنور.

والدهرية والملحدة يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو، إذ لا اطلاع لنا على ما هو معظم عندهم، لنؤكد اليمين عليهم به، وكأن ثمرة التحليف لتنالهم عقوبة اليمين الفاجرة.

والوثني: قال القاضي الحسين: يحلف بالله فحسب.

فإن قيل: لم حلفتهم اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى، والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، ولم تحلفوا المسلم [بالله الذي] أنزل القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم؟

قلنا: قد حكى ابن أبي الدم عن الشيخ أبي على رواية وجهين فيه في ((شرحه الكبير))، وأن الشيخ أبا عاصم العبادي ذكرهما في ((الفتاوى)) - أيضًا- ولم يختارا شيئًا.

قلت: وكلام ابن أبي الدم يقتضي أن الراجح عند الأصحاب: أنه يحلف كذلك، لأنه قال: مما تغلظ به اليمين التحليف بالمصحف.

قال الشافعي: كان [ابن] الزبير يستحلف بالمصحف، ورأيت مطرفًا قاضي صنعاء يستحلف به، وهو حسن، وعليه الحكام باليمن.

وكذلك قال القاضي الحسين: إن هذا النوع من التغليظ مستحب.

وقال في ((الحاوي)): هو جائز عند الشافعي، وليس بمستحب، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((من كان حالفًا فليحلف بالله أو فليصمت))، وهذا من الماوردي يفهم أن الشافعي أراد فيما حكاه عن ابن الزبير، واستحسنه: التحليف بالمصحف نفسه، لكنه قال في موضع آخر من هذا الكتاب: [إن] ما حكاه الشافعي مفروض فيما إذا حلفه بالمصحف وما فيه من القرآن.

وقد حكى ابن أبي الدم: أن الأصحاب قالوا: معناه: أن يوضع المصحف في حجره، ليكون أزجر له، ولا يحلفه بالمصحف فيقول: وحق المصحف، لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>