[موقف المسلم من القضاء والقدر]
يجب على كل مسلم أن يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى. والإيمان بالقدر يتضمن أربع مراتب:
الإيمان بعلم الله للأحداث قبل وقوعها.
كتابة ذلك في اللوح المحفوظ.
الإيمان بمشيئة الله النافذة.
خلق الله للعباد وأفعالهم.
أفعال العباد:
إن الله خلق العباد وخلق أفعالهم من خير وشر.
وتقسيم القدر الذي يجب الإيمان به إلى خير وشر إنما هو بإضافته إلى الناس.
فالقدر خير كله بالنسبة لله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق شرا محضا من جميع الوجوه، فالمرض شر من جهة كونه بلاء للإنسان، لكنه خير من جهة رفعه الدرجات ومطهرة للذنوب، وكونه يعرف العبد بنعمة الله عليه في الصحة، وكذا الموت وغير ذلك من البلاء.
وقد احتج الكفار بقدر الله على كفرهم، ومثل هؤلاء بعض العصاة من المسلمين يحتجون بالقدر على المعصية ويرد عليهم بردود.
أما المسلم فيقال له لابد من الإيمان بعدل الله وأنه منزه عن الظلم، ولا شك أن عقاب المكره على الفعل ظلم، والاحتجاج بالقدر على المعصية مع ظهور عقابه سبحانه للعصاة فيه نسبة الظلم إلى الله.
أما في قول الكافر: إن الله كتب عليّ الكفر، فهو تقوّل على الله بغير علم، فهل اطلع على اللوح المحفوظ ليقول ذلك؟ يقول تعالى: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (الأعراف:٢٨) .
والكلام في القدر كالكلام في الرزق، فكما يوقن العبد أن الله كتب له الرزق، ومع ذلك يسعى لطلبه، فكذلك ينبغي أن يسعى للعمل الصالح ليحصل ما كتبه الله له من دخول الجنة.
إن الله قادر لو شاء أن يخلق بني آدم بطبيعة لا تعرف إلا الهدى، ولكن الله شاء أن يبتلي بني آدم بالقدرة على الاتجاه إلى الهدى أو الضلال، ليعين من اتجه منهم إلى الهدى عليه، ويمد من يتجه منهم إلى الضلال في غيه.
فالعبد مطالب قبل الفعل بطاعة الله عز وجل، وبعد الفعل بشكره إذ وفقه لذلك، كما أنه مطالب إن عصى ربه بالتوبة والرجوع إليه، ويلزمه أن يكره المعصية قبل وقوعه فيها ليصرفه ذلك عنها، وبعد وقوعها ليدفعه ذلك إلى التوبة، فلابد أن يفعل ما أمر به حال الطاعة أو المعصية. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) (رواه مسلم) .