عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابنه عند الموت: يا بني! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، فقال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) ، يا بني! إني سمعت رسول الله يقول:(من مات على غير هذا فليس مني)(رواه أبو داود) .
تسكب تلك العقيدة في نفوس البشر الطمأنينة، وفي قلوبهم السكينة، وتربيهم على العزة والشجاعة.
يستصغر المسلم قوى الأرض أمام إيمانه بقدر الله، وقد كان الصحابة يخوضون الحروب مع من هم أقوى منهم عتادا وأكثر عددا، فلا يصدنهم ذلك عن قتالهم، إذ يعلمون أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، قال تعالى:(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)(التوبة:٥١) .
سرعان ما يستعيد المسلم رباطة جأشه وتفاؤله بعد نزول المصيبة إذ أنه يسلم لقدر الله في ذلك، فيصبر ويحتسب، بعكس الكافر أو ضعيف الإيمان الذي قد يقتل نفسه أو ينزوي عند أهون المصائب.
يوقن المسلم أن رزقه مكتوب ومقدر، كما أن أجله كذلك مكتوب ومقدر، فلا تذهب نفسه حسرة على فوات شيء من الدنيا، وإنما يعيش في رضا برزق الله تعالى:(وما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)(هود:٦) .
تعلم النفس المؤمنة أن الله الذي قدر لها الخير أو الشر حكيم رحيم، فلا يبطر لنعمة ولا يجزع لمصيبة، فنفسه شاكرة في السراء والضراء، فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)(رواه مسلم) .
الإيمان بالقضاء والقدر يجعل العبد المسلم يهنأ في الدنيا بعيش سعيد مستقر، بعكس الكافر الذي لا يؤمن بالقدر، يقول تعالى:(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)(طه:١٢٣-١٢٤) .