[من ضوابط التعامل مع السنة]
أولا: فهم السنة في ضوء القرآن:
فالسنة النبوية هي شارحة القرآن الكريم ومفصلته، وهي البيان النظري والتطبيق العملي له، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نزل إليهم، ولا يمكن للبيان أن يناقض المبيَّن، ولا للفرع أن يناقض الأصل.
ولهذا لا توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكمات القرآن وبيناته الواضحة، وإذا ظن بعض الناس وجود ذلك، فلابد أن تكون السنة غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض وهميًا لا حقيقيًا.
ومعنى هذا أن نفهم السنة في ضوء القرآن، وليس معنى ذلك أن كل حديث يعارض القرآن نرده على الإطلاق، فينبغي أن نحذر من التوسع في دعوى معارضة القرآن، دون أن يكون لذلك أساس صحيح ثابت.
ثانيا: جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد:
فإنه من اللازم لفهم السنة فهما صحيحا، أن تجمع الأحاديث الصحيحة في الموضوع الواحد بحيث يُرد متشابهها إلى محكمها، ويحمل مطلقها على مقيدها، ويُفسر عامها بخاصها، وبذلك يتضح المعنى المراد منها، ولا يُضرب بعضها ببعض، فإن الاكتفاء بظاهر حديث واحد، دون النظر في سائر الأحاديث، وسائر النصوص المتعلقة بموضوعه، كثيرا ما يوقع في الخطأ، ويبعد عن جادة الصواب.
ثالثا: الجمع أو الترجيح بين مختلف الحديث:
الأصل في النصوص الشرعية الثابتة ألا تتعارض، لأن الحق لا يعارض الحق، فإذا افترض وجود تعارض، فإنما هو في ظاهر الأمر لا في الحقيقة والواقع، فإذا أمكن إزالة التعارض بالجمع والتوفيق بين النصين بدون تعسف، بحيث يعمل بكل منهما فهو أولى من الترجيح بينهما، لأن الترجيح يعني إهمال أحد النصين، وتقديم الآخر عليه.
رابعا: فهم الأحاديث في ضوء أسبابها وملابساتها ومقاصدها:
فإن النظر إلى سياق الحديث والملابسات والأسباب تساعد على سداد الفهم واستقامته لمن وفقه الله. ومن حسن الفقه للسنة النبوية: النظر في الأحاديث التي بنيت على أسباب خاصة، أو ارتبطت بعلة معينة منصوص عليها في الحديث أو مستنبطة منه، أو مفهومة من الواقع الذي سيق فيه الحديث، وفي نفس الوقت يحذر من تحكيم العقول في النصوص، والتوسع في تأويل الأحاديث، والكلام عن مصالح متوهمة يراها بعض المعاصرين.
خامسا: التأكد من مدلولات ألفاظ الحديث:
فمن المهم جدا لفهم السنة فهما صحيحا التأكد من مدلولات الألفاظ التي جاءت بها السنة، فإن الألفاظ تتغير دلالتها من عصر لآخر، ومن بيئة لأخرى، وهذا أمر معروف لدى الدارسين لتطور اللغات وألفاظها. فينبغي أن نحذر من حمل ما جاء في السنة من ألفاظ على المصطلح الحادث، وهنا يحدث الخلل ويقع الزلل.