أقوال النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون مصدرا للتشريع، إذا كان المقصود بها بيان الأحكام أو تشريعها، أما إذا كانت في أمور دنيوية بحتة لا علاقة لها بالتشريع، وليست مبنية على الوحي فلا تكون من أدلة الأحكام، ولا تكون مصدرا تستنبط منه الأحكام الشرعية، ولا يلزم اتباعها.
وكذلك أفعاله صلى الله عليه وسلم، فهي مصدر للتشريع، ويستثنى منها ما يلي:
أفعاله الفطرية، أي التي تصدر منه بحسب الطبيعة البشرية، وبصفته إنسانا، كالأكل والشرب، والمشي والقعود، ونحو ذلك، فهذه لا تدخل في باب التشريع، إلا على اعتبار إباحتها في حق المكلفين، فلا يجب متابعة الرسول في طريقة مباشرته لها، إلا إذا ورد ما يفيد ذلك.
ما صدر عنه بمقتضى خبرته الإنسانية في الأمور الدنيوية، مثل تنظيم الجيوش والقيام بما يقتضيه تدبير الحرب، وشؤون التجارة، ونحو ذلك، فهذه الأفعال لا تعتبر تشريعا للأمة، لأن مبناها على التجربة لا على الوحي، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يلزم المسلمين بها، ولم يعتبرها من قبيل التشريع.
ما ثبت كونه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فهو له وحده، ولا تشاركه الأمة فيه، كاختصاصه بالوصال في الصوم، والزيادة في النكاح على أربع، وغير ذلك، فهذه الأمور خاصة به، ولا يصح متابعته فيها.