إن الذي خلق الأسباب هو الذي خلق النتائج، فمن أراد النسل مثلا لابد أن يتزوج، وهذا مستقر في البشر ولكن هذا الزواج قد يعطي الثمار وهي النسل وقد لا يعطي وذاك هو القدر، قال تعالى:(يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير)(الشورى:٤٩-٥٠) .
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأسباب المشروعة هي من القدر، فقيل له: أرأيت رقىً نسترقي وأدوية نتداوى بها، هل ترد من قدر الله شيئا، فقال:(هي من قدر الله)(رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد) .
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي فقال:(تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم)(رواه الأربعة) .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل المتوكلين، يمشي في الأسواق للاكتساب، ويلبس لأمة الحرب (أي الدرع وغيرها) .
لقي عمر رضي الله عنه جماعة من أهل اليمن يحجون بلا زاد، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ثم يتوكل على الله (رواه ابن أبي الدنيا في التوكل، وروى البخاري نحوه) .
قال سهل بن عبد الله: من طعن في الأسباب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان، فإن التوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته (مدارج السالكين، ٣/١٦) .