٥ - أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى المهلبي، قاضي القضاة شمس الدين، أبو العباس، الخويي. ولد بخوي في شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ودخل "خراسان" وقرأ بها الأصول على القطب المصري صاحب الإمام فخر الدين، وقيل: بل على الإِمام نفسه. قال السبكي في "الطبقات الكبرى": وقرأ الفقه على الرافعي، وقرأ علم الجدل على علاء الدين الطوسي، وسمع الحديث من جماعة. وولي قضاء القضاة بالشام. وله كتاب في الأصول، وكتاب فيه رموز حكمية، وكتاب في النحو، وكتاب في العروض. وفيه يقول الشيخ شهاب الدين أبو شامة:
أحمد بن الخليل أرشده اللـ ... ـه كما أرشد الخليل بن أحمد
ذاك مستخرج العروض وهذا ... مظهر السر منه والعود أحمد
قال الذهبي: كان فقيهًا، إمامًا، مناظرًا، خبيرًا بعلم الكلام، أستاذًا في الطب والحكمة، دينًا، كثير الصلاة والصيام. توفي في شعبان سنة سبع -بتقديم السين- وثلاثين وستمائة.
[ثناء العلماء عليه]
نال الإمام الرازي محبة الناس وثناءهم عليه، ونحن نذكر طرفًا من كلام أئمة العلم الذين نعتوه، وذكروا أخباره وسيرته. قال العلامة ابن السبكي:
"إمام المُتكلِّمين، ذو الْباع الواسِع في تَعْليق العُلوم، والاجْتماع بالشَّاسِع من حَقائق المَنْطوق والمَفْهوم، والارْتفاع قدرًا على الرِّفاق وهل يَجْرِي من الأقدار إلَّا الأمرُ المَحْتوم. بحرٌ ليس للبحر ما عندَه من الجواهر، وخَبَرٌ سَما على السماءِ وأين للسَّماء مثلُ ما لَه من الزَّوَاهر، وروضةُ علمٍ تَسْتِقلُّ الرّياضُ نَفْسَها أن تُحاكِي مَا لَدَيهِ من الأزاهر.
انْتظَمت بقَدْرِهِ العظيم عُقودُ المِلَّة الإسلامية، وابْتَسَمت بدُرِّه النَّظِيم ثُغورُ الثُّغور المحمَّدية، تنَوَّع في المباحث وفُنونِها، وترفَّع فلم يَرْضَ إلَّا بِنُكَتٍ تسحره ببُيُونِها، وأتى بجَنَّاتٍ طَلْعُها هَضِيم، وكلمات يُقْسِم الدهرُ أن المُلْحِد بعدَها لا يقدِر أن يضيم.
وله شِعار أوَى الأشْعَرِيُّ من سُنَنِه إلى رُكْنٍ شَدِيد، واعْتَزَل المُعْتزليُّ عِلْمًا أنه ما يلْفِظ من قَوْلٍ إلَّا لدَيه رَقِيبٌ عَتِيد.