للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكُهُ؛ لِلدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الاقْتِدَاءِ بِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَينَا تَرْكُهُ؛ ثَبَتَ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ بَل فَعَلَهُ؛ وَحِينَئِذٍ: يَحْصُلُ الْمَطلُوبُ.

وَيفْتقرُ ههُنَا إِلَى بَيَانِ أَنَّ لَفْظَ "الْمُتَابَعَةِ" يَدْخُلُ فِيهِ الأَفْعَال وَالتُّرُوكُ:

فَنَقُولُ: قَد ذَكَرنَا في "عِلمِ الكَلَامِ": أَنَّ التَّركَ لَيسَ عِبَارَة عَنِ العَدَمِ المَحَضِ، بَل هُوَ عِبَارَةٌ عَن فِعْلِ الضِّدِّ وَإِذَا ثَبَتَ هذَا: كَانَ التَّركُ فِعلًا مَحْضًا؛ فَيَدْخُل فِيهِ.

وَأَيضًا: فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَال: "فُلَانٌ يَتَّبعُ أُسْتَاذَهُ في أَفْعَالِ الخَيرِ، وَلَا يَتَّبِعُهُ في فعْل الشَّرِّ"؛ وَذلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.

الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرْوَى خَبَرٌ أَنَّهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ - أَتَى بِذلِكَ الفِعْلِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ

الْمُختَارُ - عِنْدَنَا -: أَنَّهُ إِذَا نُقِلَ إِلَينَا أَخْبَارَ مُتَعَارِضَةٌ في فِعْلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ آخِرُهَا كَيفَ كَانَ -: فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمُكَلَّفُ مُخْتَارًا في الكُلِّ؛

===

مِن حَمْلِ فعله المُطلَقِ على الوجوب.

قوله: "ويفتقر ها هنا إِلى بيانِ أَنَّ لَفْظَ المتابعة تدخل فيها الأفعال، والتروك، فنقول: قد ذكرنا في علم الكلام أَنَّ التركَ ليس هو العَدَمَ المَحْضَ، بل هو عبارة عن فعل الضِّدَّ، وَإِذا تَبَيَّنَ هذا كان التركُ فعلًا محضًا":

هذا بناءً منه على أَنَّ العَدَمَ الطارئَ لا يكون أثرًا للقدرة، وقد نَقَلَ القاضي في أَحَدِ قوليه صِحَّةَ كونه مُتَعَلَّقًا للقدرة؛ فحينئذٍ لا يكونُ الترك فِعْلَ الضِّدِّ.

قوله: "وأيضًا، فإِنه يصح أن يقال: فلان يتبع أستاذه في فعل الخير، ولا يتبعه في فعل الشر" يعني: وحسن السلب مُشعِرٌ بإِمكان الوقوع.

قوله: "وذلك يَدُلُّ على ما قلناه" هذا التقدير لا يفتقر فيه إِلى أن الترك أمر وُجُودِيٌّ.

قوله: "الطريق الثالث أن يروي خبر أنَّه - عليه الصلاة والسلام - أتى بذلك - الفعل" إِنما ذكره؛ لِحَضرِ الطُّرُقِ، وإِلا فهو واضح.

قوله: "الفائدة الثانية: المختار عندنا أنَّه إِذا نُقِلَ إِلينا أخبارٌ متعارضة في فعل واحد، ولم يصح عندنا أن آخرها كيف كان - فإنه يكون المُكَلَّفُ مُخَيَّرًا في الكُلِّ؛ مثاله: إذا صح خَبَرٌ أَنه -عليه الصلاة والسلام- سجد للسهو قبل السلام، وخبر أنَّه سجد بعد السلام، ولم يثبت بالنقل آخر أفعاله -: وجب القول بالتخيير ... " إِلى آخره:

<<  <  ج: ص:  >  >>