للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلِ التَّضَرُّعِ إِلَيهِ-: لَا يُقَالُ: "إِنَّهُ أَمَرَهُ" وَإِنْ كَانَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْهُ، وَمَنْ قَال لِغَيرِهِ: "افْعَل، عَلَى سَبِيلِ الاسْتِعْلَاءِ؛ يُقَالُ: "إِنَّهُ أَمَرَهُ" وَإِنْ كَانَ أَدْنَى رُتبَةً مِنْهُ؛ وَلذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَصِفُونَ مَنْ هَذَا شَأنُهُ بِالجَهْلِ وَالحُمْقِ؛ مِنْ حَيثُ إِنَّهُ أَمَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ رُتبَةً.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ

الأَكَثَرُونَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صِيغَةَ "افْعَل" تُفِيدُ التَّرْجِيحَ، وَهؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا: فَمِنْهُمْ مَنْ قَال: إِنَّهُ مُتَعيِّنٌ لِلْوُجُوبِ؛ وَهُوَ المُخْتَارُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: إِنَّهُ دَائِرٌ بَينَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أوْجُهٍ:

الأَوَّل: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشتَرَكًا بَينَهُمَا؛ بِأَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِمَا.

===

كان المأمورُ به مرادَ الوقوعِ من الله تعالى، لَمَا صحَّ نسخه.

ولهم فِي هذه القاعدة مَنْعٌ، وعلى الاحْتِجاج بالآية مقاومة مذكورة فِي الكتب المطولة.

وقد نتخيَّلُ أَنَّ فِي دعواه: أَنَّ تصور الطلب بدهى، مع احْتِجَاجِه على بداهته - تناقضًا؛ فإِنَّ البدهي لا يحتج عليه.

ويُمَكِنُ أَنْ يُقال: لا يلزم مِنْ تصوُّرِ الشيء بالبديهةِ إِدْرَاكُ وصفه بالدهية.

قولُه فِي القيد الثالث: "على سبيل الاسْتِعلاء لا العُلُوْ، واضحٌ، وقد تقدم البحثُ فيه فِي حَدِّ المعتزلة.

[قوله]: "صيغة افْعَلْ تفيد الترجيحَ، وهؤلاء اختلفوا .. " إلى آخر نقل المذاهب.

قوله: تفيد الترجيح: يعني ترجيح الفِعْل على التَّرْكِ؛ وإِنَّما قيده بالأكثرين احترازًا مِنْ مذهب الواقفية، ومِنْ مذهب مَنْ يُنَزلها على الإباحة.

وبالجُمْلَةِ: فإنَّ "افعل" تَرِدُ لِسِتَّة عَشَرَ معنى:

الأول: الوُجُوب؛ كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةُ} [البقرة ٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>