للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأمُورِ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإذَا أَتَى المُكَلَّفُ بِهِ- فَقَدْ أَتَى بِتَمَامِ مَا دَلَّ عَلَيهِ الأَمْرُ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يَبْقَى الأَمْرُ بَعْدَ ذلِكَ مُقْتَضِيًا لِشَيءٍ آخَرَ.

الْمَسْألةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ

إِذَا قَال السَّيِّدُ لِعَبدِهِ: "صَلِّ، في هَذَا الْوَقْتِ" وَلَمْ يُصَلِّ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ-: فَذلِكَ الأَمْرُ هَلْ يَقْتَضِي إِيقَاعَ ذلِكَ الْفِعْلِ فِيمَا بَعْدَ ذلِكَ الْوَقْتِ؟

أَكْثَرُ المُحَقِّقِينَ [ذَهَبُوا] إِلَى أنَّهُ لَا يُوجِبُهُ:

وَاحْتَجُّوا عَلَيهِ: بِأَنَّ قَوْلَ القَائِلِ لِغَيرِهِ: "افْعَلْ هَذَا الْفِعْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" - لَا يَتَنَاوَلُ مَا بَعْد الْجُمُعَةِ: لَا بِنَفْيٍ وَلَا بِإِثبَاتٍ؛ فَوَجَبَ ألَّا يَدُلَّ عَلَيهِ أَلْبَتَّةَ.

===

كان الوَطْءُ سببًا في حُرِّيَّةِ الولد، وجَعْلِهَا مُسْتَوْلَدَة له، أو غيرِ ذلك.

أمَّا في العبادات فلا؛ لما قَرَّرْنَاهُ، وأشارَ بَعْضُ الأئِمَّةِ أَنَّ الخِلافَ في هذه المسألهَ شيءٌ آخرُ، وهو أنَّ مُطْلَقَ الأَمْرِ يُشْعِرُ بالإِجْزَاءِ، أو أنَّ الإِجْزَاءَ من عدم دليل، وهذا بحث يرجع إلى المفهوم، والأمرُ فيه مُنْقَسِمٌ.

[المسألة السادسة عشرة]

هذه المسألة مترجمة بـ "وجوب القضاء" من مقتضيات الخطاب الأول، أو بأمر جديد؟ : ومذهب الحنابلة، وأكثر الفقهاء أنه من مقتضيات الخطاب, , ومذهبُ المُحَقَّقِينَ من الأصوليين، وبعض الفقهاء أنه بخطاب جديد.

قوله: احتجوا عليه بأن القائل إذا قال لغيره: افعلْ هذا الفِعْلَ يومَ الجُمْعَةِ لا يتناول ما بعده.

حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لو وَجَبَ بِهِ لأشعر به، ولا إِشْعَارَ؛ فلا وُجُوبَ:

أما الأُولَى: فَإنهُ لا معنى لِلدَّلالةِ سوى الإِشعارِ، وإذْ لا إشعارَ فلا دلالةَ.

وأما الثانية: فَلأَنَّ التقييدَ بحاضرينِ، يُخْرِجُ ما عداهما، فإذا قال: صُمْ يومَ الخميس، فكما لا يتناولُ ما قبله لا يتناولُ ما بعده.

والاعتراض عليه: أن يقال: قولُكَ لا يُشعِرُ به، تعني: مُطَابَقَةٌ، أو مطلقًا؟ : الأَوَّلُ: مُسَلَّمٌ، ولا يلزم من نفي الإشْعَارِ من وَجْهٍ نَفْيُ الإشعار مُطلَقًا. الثَّانِي: ممنوع؛ فَإِنَّهُ يُشعِرُ به بجهة التَّضَمُّنِ. والطَّلَبُ لِلصَّوْمِ في يومٍ مُعَيَّنٍ، طَلَبٌ لصوم يوم.

هذا الوجه يُبْطِلُ قولَ مَنْ قال: إِنَّهُ لو أَشْعَرَ به، لاقتضى التخييرَ، وَلَبَطَلَتْ نِيَّةُ القضاءِ؛ فإنه إنما يلزم أَنْ لو أَشْعَرَ به مطابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>