تقدم أن الإمام الرازي كان حسن الوعظ، مليح العبارة، وقد روى أهل الأخبار أن الإمام الرازي وعظ أبا المظفر الغزنوي صاحب "غزنة" وكان أحد المشكورين من الملوك الموصوفين بمحبة العلماء، فقال له: "يا سلطان العالم! ! لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقى {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ}[غافر: ٤٣].
وأما رقته فهي رقة الصالحين من العلماء العاملين، السائرين على هدى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال الصلاح الصفدي:
ذكر ابن مَسدي في معجمه عن ابن عُنين -رحمه الله- يقول: سمعت أبا المحاسن محمد بن نصر الله ابن عُنين -رحمه الله- يقول: كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ أقبلت حمامةٌ يتبعها جارحٌ فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره، فقمت وأنشدت بديهًا:
يا ابن الكرام المُطعِمين إذا شَتَوا ... في كلّ مَسغبةٍ وثلجٍ خاشفِ
والعاصمين إذا النفوس تطايرتْ ... بين الصوارم والوشيج الراعفِ
من نبأ الورقاءَ أنّ محلّكم ... حرمٌ وأنك ملجأ للخائفِ
وَفدتْ إليك وقد تدانى حَتْفُها ... فحبَوْتَها ببقائها المستأنَفِ
ولو أنها تُحبَى بمالٍ لانثنتْ ... من راحتَيك بنائلٍ متضاعفِ
جاءت سليمان الزمانِ حمامةٌ ... والموت يلمَعُ من جناحَي خاطفِ
فخلع عليه جبّةً كانت عليه، قال: فكان هذا سببًا لإقبال السعود عليّ وتسنَّي الآمال لدي.