وللإمام فخر الدين الرازي كتب بالفارسية: كالرسالة الكمالية، وتهجين تعجيز الفلاسفة، والبراهين البهائية.
[وصيته ووفاته]
ولما توفي الإِمام فخر الدين بهراة في دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة، كان قد أملى رسالةَ على تلميذه ومصاحبه إبرهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدل على حسن عقيدته وظنّه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه، والرسالةُ مشهورة:
وهذا نصها:
يقول العبدُ الرَّاجِي رحمةَ ربه، الواثقُ بكرم مَولاه، محمَّد بن عمر بن الحسن الرَّازِيّ وهو أوَّلُ عهدِه بالآخرة وآخرُ عهده بالدنيا، وهو الوقتُ الذي يَلِين فيه كل قاسٍ، ويتَوجَّه إلى مَولاه كلُّ آبِق: أحمَدُ الله بالمَحامِد التي ذكرَها أعظمُ ملائكتِه في أشرفِ أوقات مَعارِجهم، ونطَق بها أعظمُ أنْبيائِه في أكملِ أوقاتِ شهاداتهم، وأحْمَدهُ بالمَحامد التي يستحقها، عَرَفْتُها أو لم أعرفْها؛ لأنه لا مُناسبةَ للترابِ مع رب الأرْباب.
وصَلَواتُه على ملائكتِه المُقرَّبين، والأنْبياءِ والمرسَلين، وجميعِ عبادِ الله الصالحين.
اعلموا أخِلَّائي في الدين، وإخواني في طَلَبِ اليقين، أن الناسَ يقولون: إن الإنسان إذا مات انْقَطع عملُه، وتعلُّقُه عن الخَلق، وهذا مُخَصَّص من وَجْهَيْن: الأول أنه إن بَقِي منه عملٌ صالح صار ذلك سَبَبًا للدعاء، والدعاءُ له عند الله تعالى أثر. الثاني ما يتعلق بالأولاد، وأداءِ الجِنايات:
أمَّا الأولُ فاعلموا أني كنتُ رجلًا مُحِبًّا للعلم، فكنتُ أكتبُ من كل شيء شيئًا لأقَفَ على كَمِّيته وكيفِيته، سواء كان حَقًّا أو باطلًا، إلَّا أن الذي نطق به في الكتب المُعتَبرة أن العالم المخصوصَ تحت تَدْبِير مُدَّبِّره المُنَزه عن مُماثلةِ التحَيزات مَوْصوفٌ بكمال القُدرة والعلم والرحمة، ولقد اختَبرتُ الطرُقَ الكلاميةَ، والمَناهجَ الفلسفية، فما رأيتُ فيها فائدة تُساوي الفائدةَ التي وجدتها في القرآن؛ لأنه يَسعَى في تسليم العظمةِ والجلالِ لله، ويمنع عن التعلقِ في إيرادِ المُعارَضات والمُناقَضات، وما ذاك إلَّا للعلم بأن العقولَ البشرية تَتلاشَى في تلك المَضايق العميقة، والمناهج الخَفِية؛ فلهذا أقول: كل ما ثَبتَ بالدلائل الظاهرة، من وُجوبِ وُجودِه، ووَحْدتِه، وبَراءتِه عن الشرَكاء، كما في القِدَم، والأزَلية، والتدبير، والفعالية -فذلك هو الذي أقولُ به، وألقَى الله به، وأما ما ينتهي الأمر فيه إلى الدقة والغموض، وكل ما ورد في القرآن والصحاح، المتعين للمعنَى الواحد، فهو كما