الْفَصْلُ الثانِي التَّنْبِيهُ عَلَى فَوَائِدِ هذَا الأَصْلِ
الْفَائِدَةُ الأُولَى
اعْلَمْ: أَنْا إِذَا شَكَكنَا في أَمْرٍ مِنَ الأمُورِ: هَل فَعَلَهُ الرَّسُولُ -عَلَيهِ السَّلَامُ- أَمْ لَا؟ قُلْنَا: إِلَى إِثبَاتِهِ طُرُقٌ:
الطَّرِيقُ الأَوَّلُ: أَنَّا إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ - تَوَضأَ مَعَ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ -: قُلْنَا: لَا شَك أَنَّ الوُضُوءَ مَعَ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ أَفْضَلُ، وَالعِلمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِل بِأَنَّ أَفْضَلَ الخَلْقِ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى تَرْكِ الأَفْضَلِ طُولَ عُمُرِهِ؛ فَثَبَتَ: أَنَّهُ أَتَى بِالْوُضُوءِ الْمُرَتبِ الْمَنويِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ - عِنْدَنَا - أَنَّهُ أَتَى بِالْوُضُوءِ العَارِي عَنِ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ، وَالشَّكُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ؛ فَثَبَتَ: أَنَّهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ - أَتَى بِالوُضُوءِ المُرَتبِ المَنْويِّ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ عَلَينَا مِثلُهُ لِلأَصْلِ الذِي قَرَرْنَاهُ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنْ نَقُولَ إِنَّهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ - لَوْ تَرَكَ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ، لَوَجَبَ عَلَينَا
===
قوله: الفصل الثاني في التنبيه على فوائد هذا الأصل:
الفائدة الأولى: إِذا شككنا في شيءٍ من الأمور، هَل فعله النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -أو لا؟ قلنا: في إثباته طرق: الأولى: أنا إذا أردنا أن نقول إِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - توضأ مع النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ - قلنا: لا شك أَنَّ الوضوءَ مع النية أفضل" يعني: لِمُسَاعَدَةِ الخَصْم، والإجْمَاعُ أنَّه راجحُ الفعل.
قوله: "والعلم الضروريُّ حاصِلٌ بأنَّ أَفضلَ الخلق يُوَاظِبُ على الأفضل طول عمره ... " إِلى قوله: "فوجب أن يجب علينا مثله؛ للأصل الَّذي قررناه" يعني: مِن حَمْلِ أَفعالِهِ المُطلَقَةِ على الوجوب.
والاعتراضُ على هذه الطريقة من وجهين:
أحدهما: أن تبيُّنَ أنَّه فعل مقابل المدعى فعله بوجه ما - إن أمكن ثَمَّ - يقلب الدليل.
الثاني: أَنَّ مُقتَضَى ذلك رَفْعُ المَنْدُوب.
وجوابه: ما أشارَ إِليه في الفائدة الأَخيرة أنَّه الأَصْلُ، إِلا أَنْ يَدُل دليلٌ على خلافه فَيُصَارُ إِليه.
قوله: (الطريق الثاني أن نقول: إِنه -عليه الصلاة والسلام- لو ترك النية أو الترتيب، لوجب علينا تَركُهُ؛ فثبت أنَّه ما تركه بل فعله؛ وحينئذ: يحصل المطلوب، يعني: على ما قَرَّرَهُ