للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: لَمَّا تَعَارَضَتِ الدَّلائِلُ كَانَ التَّرْجِيحُ مَعَنَا؛ لأَنَّه أَحْوَطُ، وَلأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً، وَلأَنَّهُ أَوْفَقُ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ، وَلأَنَّهُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى أَهَمِّ الْمَطَالِبِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الأَمْرُ الْوَارِدُ عَقِيبَ الْحَظْرِ يُفِيدُ الْوُجُوبَ

وَقَال بَعْضُ مَنْ يُسَلِّمُ أَنَّ أَصْلَ الأَمْرِ لِلْوُجُوبِ: إِنَّهُ إِذَا وَرَدَ بَعْدَ الحَظْرِ أَفَادَ الإِبَاحَةَ.

لَنَا:

أَنَّ المُقْتَضِيَ لِلْوُجُوبِ قَائِمٌ؛ فَإِنَّا بَيَّنَّا أَنَّ ظَاهِرَ الأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَقَيدُ كَوْنِهِ وَارِدًا بَعْدَ

===

يرد عليه: المنع لعموم عملهم إِلَّا عند ظهور القَرَائِن.

وتتمةُ البحْثِ في هذه المسأَلةِ: بذكر مُسْتند الواقفية، والقَائِلين بالإِباحة، وقد احتجت الواقفية: بأَنَّ دعوى أَنَّ الصِّيغةَ للوجوب: إِمَّا أن تعلم بالعقل، ولا مَجال له في إِثبات اللغة، أو بالنَّقْلِ: وهو ما لم يتواتر، ولا وُجودَ له؛ لأَنَّه لو وُجِد لاسْتَوى في العلم به طبقات الباحثين.

وإِمَّا آحادٌ: ولا يُفِيدُ؛ لأنَّ المسألة علمية.

ويرد عليهم: منع الحَصْر؛ فإِنَّ مِنَ الأدلة الاستقراءَ التام، وبه علمنا سائر اللغات.

أو بالمركَّبِ مِنَ العقل، والنَّقْلِ، أَعْنِي: الاسْتدلال بلازم النقلين كما تقدم الاسْتِدلالُ بأَنَّ تارك المأمور به عاصٍ، وأَنَّ العاصِي مستحقٌّ للعقاب ونحوه.

أو بأَخْبار الآحادِ، ومنع أَنَّ المسألةَ علمية، بل يكفي فيها الظنُّ؛ لأنَّ مآلها إِلى العمل، كما سبق.

واحتجَّ مَنْ زعم أَنَّها لِلإباحة؛ وعنى بها رفع الحَرَجِ، بأَنَّه القدر المشترك بين الوجوب، والندب، والتخيير.

<<  <  ج: ص:  >  >>