للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ

قَال الجُبَّائِي: الشَّرطُ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ رِوَايَةُ العَدْلَينِ، وَعِندَنَا أَنَّهُ غَيرُ وَاجِبِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيهِ: قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]- يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَة؛ فَهذَا

===

وَقَال الكَرخِيّ، وأَحمَدُ -في إحدى الرِّوَايَتَينِ عنه-: لا تقبل؛ كما لو شَكَّ شَاهِدُ الأصلِ.

وفرق بأن بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ؛ فإنا لا نُعَرِّجُ على الفَرْعِ مع حُضُورِ شَاهِدِ الأَصلِ، بخلاف الرِّوَايَةِ.

قالوا: لو جَازَ العَمَلُ به، لجاز لِلْحَاكِمِ إذا شَهِدَ عنده عَدلانِ بحكمه وَنَسِيَهُ أن يَحكُمَ به.

قلنا: نَحْنُ لا نُوجِبُ العَمَلَ على النَّاسي، وإنما أوجَبنَاهُ على الجَازِمِ.

فإن قالوا: نِسبَةُ النِّسيَانِ إليهما على السَّوَاءِ، كنسبة التَّكذِيبِ عند الجَزمِ.

قلنا: لَا نُسَلِّمُ الاستِوَاءَ مع تَصرِيحِ الرَّاوي بالجَزمِ، واستِرَابَةِ الأَصلِ.

قوله: "المسألة الثامنة":

قال الجُبَّائِيّ: يُشْترطُ في قَبُولِ الخَبَرِ رِوَايَةُ العَدلَينِ، وَعِندَنَا: أنَّه غَيرُ وَاجِب، والدليل عليه قَوْلُهُ تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ} [الحجرات: ٦] ... " إلى آخرها:

ذهب الجُبَّائِيّ إلى أنَّه لا يُعمَلُ إلَّا بما يَنقُلُهُ عَدلانِ، أو يعضد رِوَايَتَهُ دَلِيل من إشهَادِ، أو اجتهاد، أو عَملِ بعض الصّحابة، أو موافقة ظاهر، وشرط عند تَكرَارِ الأَعصَارِ أن يتحمل قَولَ كُلِّ رَاوٍ عَدْلانِ إلى أن يَنتَهِيَ إلينا.

قال الغَزَّالي: وهذا استِئصَالٌ لهذه القَاعِدَةِ؛ إذ لا يَستَقِيمُ على هذا المَذَاقِ حَدِيثٌ في

<<  <  ج: ص:  >  >>