للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثْلِ، وَمَا بِهِ الاشتِرَاكُ مُغَايِرٌ لِمَا بِه الامْتِيَازُ، وَغَيرُ مُسْتْلْزِمٍ لَهُ، وَالأَمْرُ بِالْبَيعِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِشَيءٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ، بَلْ إِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الرِّضَا بِبَعْضِ الأَنْوَاعِ لِقَرِينَةٍ- حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيهِ؛ وَلذلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيعِ الْمُطلَقِ لَا يَمْلِكُ الْبَيعَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْبَيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لأَنَّ الْعُرْفَ دَلَّ عَلَى حُصُولِ الرِّضَا بِهذَا النَّوْعِ.

===

هذا الثَّوْبَ؛ فإنه لا يَكُونُ أمرًا بِبَيعِهِ بالغَبْنِ الفاحش، ولا بالثمن المُسَاوي؛ لأن هذين النَّوْعَينِ يشتركان فِي مُسَمَّى البَيع، وَيَمْتَازَانِ بالخُصُوصِ، وما به الاشتراك مُغَايزِّ لما به الامْتِيَازُ، وغير مُسْتَلْزِم له" يعني بأَنَّ المُطْلَقَ هو الدَّالُّ على المَاهِيَّةِ فحسب، والدَّالُّ على الأَعَمِّ لا يتناوَلُ الأَخَصَّ؛ لأنه ليس عَينَهُ، ولا جُزْأَهُ، ولا يستلزمه بعينه، فانتفتِ الدَّلَالاتُ الثَّلَاثُ.

لا يقال: قد تَقَرَّرَ: أَنَّ الأمرَ بالشيءِ أَمْرٌ بما هو من ضرورياته، والمُطْلَقَاتُ لا دُخُولَ لها فِي الأعيانِ إلا بخصوصٍ ما، فالأمرُ بها أَمْرٌ بأحد الخُصُوصِيَّاتِ؛ لأنا نقول: هذا وإن سلم؛ فليس مِنْ مُقْتَضَيَاتِ اللَّفْظِ؛ بل من قاعدةِ: أَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بالإِمكانِ، والإِتْيَانُ بالمُطْلَقِ غَيرُ مُمْكِنٍ.

ثُمَّ لو سَلِمَ الإشعارُ فلا يُشْعِرُ بخصوصٍ مُعَيَّن، والبَحْثُ فيه.

وأمَّا التوكيلُ بالبيعِ المُطْلَقِ، فأبو حنيفةَ يرى: أَنَّ اللفظَ عامٌّ فِي مُسَمَّى البَيعِ، وأنه مُتَنَاولٌ للإِذْنِ بالبيعِ بالغَبْنِ الفاحش، وغيره.

والشَّافِعِيُّ -رحمه الله- يرى أَنَّ اللفظَ لا إشعارَ له بقيد ألْبَتَّةَ، والأصلُ المَنْعُ من التَّصَرُّفِ، إلا فِي المَأذُونِ فيه بطريق اللفظِ، أو العُرْفِ.

والعُرْفُ دَالٌّ على البيع بالثَّمَنِ المُسَاوي، كَمَا دَلَّ فِي الثَّمَنِ المُطْلَقِ على النَّقْدِ الرابح، وهذا معنى قولِهِ: بل إِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على الرضا ببعض الأنواعِ حُمِلَ عليه.

مَسَائِلُ أغفلها الإمام الرَّازِي

هَذِهِ آخِرُ مسألةِ ذكرها فِي قِسْمِ الأوامر، وقد أسقط مسائِلَ.

منها ما يَقْرُبُ الأَمْرُ فيها بعد ما قَرَّرَهُ مِنَ القَوَاعِدِ، ومنها ما تَقِلُّ جَدْوَاهُ بالنسبة إلى أُصُولِ الفقه.

والمقصودُ الأَعْظَمُ منها يَتَعَلَّقُ بأصول الدِّينِ؛ كأمرِ المعدومِ، وكونِ الفعلِ مأمورًا به حَال الامتثالِ، والأمرِ المُعَلَّقِ على شَرْطٍ يَعْلَمُ الآمِرُ أَنَّ المأمورَ لا يبلغه.

<<  <  ج: ص:  >  >>