إن من طبائع البشر التي جبل الله الناس عليها، التطلع إلى أعين الناس، حبًّا للمدح والشهرة؛ فهذه سنة الله في الذين خلوا من قبل. ولم يشذ عن هذه السنة إلا النادر من بني آدم، الذين أخلصوا دينهم وأعمالهم لله رب العالمين، فأحيا الله ذكرهم، وإن كانوا في الأجداث راقدين.
وإن المرء ليعجب العجب العجاب حين يرى ويسمع عن إمام مات منذ قرون وسنوات طويلة، ثم يخرج الله أثره، ويحيى ذكره وكأن قد حيَّ بعد موات، وأبتُعِثَ بعد رقاد:
وإنما المرء حديث بعده ... فكن حديثًا حسنًا لمن روى
ولقد كان صاحبنا الإمام الرازي أحد أولئك الجهابذة، الذين ابتعث الله أسماءهم وأعمالهم، فكانوا أعلام هدى، ونبراس حياة.
[كنيته، اسمه، نسبه]
هو الإمام العلامة: أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي، فخر الدين الرازي.