للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْألةُ الثَّالِثَةُ فِي أَقْسَامِ الْخَبَرِ الَّذِي يُعْلَمُ كَوْنُهُ كَذِبًا

الأَوَّلُ: كُلَّ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِبَدِيهَةِ الْعَقلِ، أَوْ بِالْحِسِّ، أَوْ بِالدَّلِيلِ- فَالْخَبَرُ عَلَى خِلافِهِ

===

عمر شُوَرى في السِّتَّة، ونقل أبُو بَكْرٍ ما هو أَعَمُّ من ذلك؛ وهو قَوْلُهُ -عليه السَّلامُ-: "الأَئِمَّةُ من قُرَيشٍ" وتلقوه بالقبول- دَلَّ على عَدَم النصَّ المتواتر. وقد تقرر أن المحكم فيما يحصل العِلْمُ وما لا يحصله العَادَة.

واعتذار المُرْتَضى بأن المَانِعَ لخُصُومِهِمْ من حُصُولِ العلم اعْتِقَادُ نَقِيضِهِ عن تَقلِيدٍ أو شُبْهَةٍ- يعارضه أن يقال: أو لَعَلَّ مُوجب جَزْمِكُمْ بالصِّدْقِ اعتقادكم ذلك، أو انضمام شُبْهَةٍ في نُفُوسِكُمْ، وكيف لا مع اعتقادكم أنه يَصِحُّ أن يُنْسَبَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُل ما صَحَّ من قَوْلِ من تعتقدون إِمَامَتَهُ، وهو على زَعْمِكُمْ أنه مَعْصُومٌ؟ ! وهذا تصريح منكم بتَسْويغِ الكَذِب وتصديقه، أعنى: قول الراوي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يَقُلُهُ.

وإذا عرفت خَبَرَ التَّوَاتُرِ، وأنه يُفِيدُ العِلْمُ، فهو ينقسم إلى لَفْظِيٍّ، ومعنوي، فاللفظي كَنَقْلِ القرآن، والمعنوي كَنَقْلِ العَدَدِ الكثير الذي يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ على الكَذِب- وَقَائِعَ مختلفة لم يَجْتَمِعُوا على آحَادِهَا مشتملة على قَدْرٍ مشترك؛ كالوقائع التي عُلِمَ بها شَجَاعَةُ عَلِيٍّ، وسَخَاء حَاتِمٍ، وإن لم يتفق الرُّوَاةُ على وَقَائِعَ بعينها.

ومن تَمَامِ مَبَاحِثِ هذا الأَصْلِ أن خَبَرَ التَّوَاتُرِ يستلزم العلم عادة، ولا يولده، خِلافًا لِقَوْمٍ؛ لِوُجُوب إِسْنَادِ جميع المُمْكِنَاتِ إلى الله -تعالى- خَلْقًا واختراعًا، والقول بالتَّوَلُّدِ من فُرُوع قَوَاعِدِ المعتزلَة، وهو أن العَبْدَ يَسْتَقِلُّ بفعله وأنه يفعل مباشرة في ذاته، ويفعل خارج ذاته بالتَّوَلُّدِ عن مقدور له في ذاته؛ فلهذا قالوا: التوَلُّدُ حَادِثٌ عن سَبَب مَقْدُورٍ بالقُدْرَةِ الحادثة.

[قوله]: "المَسْأَلَة الثالثة في أَقْسَامِ الخَبَرِ الذي يعلم كَوْنُهُ كَذِبًا: الأَوَّل: كل ما علم ثُبُوتُهُ ببديهة العَقْلِ، أو بالحِسِّ، أو بالدليل، فالخبر على خِلافِهِ يكون كَاذِبًا": وبالجُمْلَةِ فمما يعلم كَذِبُهُ كل خَبَرٍ مخالف لما علم صِدْقُهُ بمدرك من مَدَارِكِ العُلُومِ، وهي السابقة؛ لاسْتِحَالةِ اجْتِمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>