الطَّلَبُ مَعَ الاسْتِعْلاءِ؛ وَإِنَّمَا شَرَطنَا الاسْتِعْلاءَ لَا الْعُلُوَّ؛ لأَنَّ مَنْ قَال لِغَيرِهِ: "افْعَلْ" عَلَى
===
وكذلك نعلمُ بالضرورة اختصاصَ حجر المِغنَاطِيس بخاصَّةِ جَذْبِ الحَدِيد، ولا نتصورها.
فدعْوَى المُصَنِّفِ: أن تصور ماهيته بَدَهِيَّة- غير صحيح.
واحْتجاجُه على أنه بَدَهِيٌّ بأَنَّ مَنْ لم يمارس شَيئًا من الصنائع العلمية، ولم يعرف الحدود، والرسوم بأمرٍ ونَهْي ... ".
يرد عليه: أَنَّ ذلك يستدعي وُجُودَ الشعور به، لَا تَصوّر ماهيته.
قولُه: "ويدرك التفرقة بين طلب الفعل، وطلب الترك": يعني بين الأمر، والنهي.
وقولُه: "وبين كُلِّ واحدٍ منهما"، يعني: بين الأمر، والنهي، وبين الخبر- يرد عليه: أَنَّ الفرق بين الشيئين، وتمايزهما لا يتوقفُ على فهم حقيقتهما ولا بُدَّ؛ فإنا كما نفرق بين الشيئين بتباينهما في شَيءٍ من الأَوْصاف الذاتية، فقد نفرِّقُ بينهما بتباينهما في الخواص، وبأَن يعرض لأحدهما ما لا يعرض للآخر:
مثال الافتراق بالخواص في مسألتنا، أَنْ نقول: من خَاصِّيةِ الأمر تعلقه بفعل الغير، ومن خاصيَّةِ الإرادة التي تخصص أن تتعلق بفعل المريد.
وأَيضًا فإنَّ الآمر قد يأمر بما يعجز عنه؛ كالعاجز عن القيام بَأَمْر غيره، بخلاف المريد.
ومثال افتراقها بالعارض: وجودُ أَحَدِهما بدون الآخر، وقد ذكر الأصحابُ له أَمْثلةٌ:
أحدها: أَنَّ الله تعالى أمر الكُفَّارَ والعُصَاةَ، ولم يرد إِيمانهم وطاعتهم؛ لأنه لو أراد ذلك - لوقع.
والثَّانِي: أنه لو حلف ليقضِيَنَّ غريمهُ دَينَه غدًا، إِنْ شاء الله تعالى، فلم يقضهِ في الغد مع التمكن- فإِنَّه لا يَحْنَثُ مع وجود الأمر.
الثالث: السيد المُعَاقَب من جِهة السلطان على ضَرْب عَبْدِه إذا اعتذر بأنه يُخَالِفُه، وأراد تَحْقِيقَ عُذْرِه بأمره بحَضْرةِ الملك، فإِنَّه يأمره، ولا يريد امتثالهُ.
وَاعْتُرِضَ على هذا الوجْهِ: بأنَّ الوارد منه -والحالة هذه- ليس حقيقةَ الأَمْر، وإِنَّما هو إرادة الأمر، وإِظهاره، وعذره يتمهد مع التلبيس.
قالوا: ومثله واردٌ عليكم في الطلب النفسي.
الرابع: قصة إبراهيم - عليه السلام - فإِنَّه أُمِرَ بذبح ولده، ثم نسِخَ عنه قبل الامتثالِ، ولو