أَنَّ الوَاحِدَ بِالشَّخْصِ لا يكون مأمورًا به مَنْهِيًّا عنه؛ حلالًا حرامًا، من جهة واحدة؛ فَإِنَّ أدنى دَرَجَاتِ الأمرِ رَفْعُ الحَرَجِ، والنَّهْيُ يُثْبِتُهُ؛ فالجَمْعُ بينهما مُتَنَاقِضٌ، إلا إِذا جُوِّزَ التكليفُ بالمُحَالِ، وليس التَّفْرِيعُ عليه.
وأما الواحِدُ بالجِنْسِ أو النَّوْع، فلا يَمْتَنِعُ انْقِسَامُهُ إِلى مأمورٍ مَنْهِيٍّ؛ كالسجودِ لِلَّهِ تعالى، والسُّجُودِ لِلصَّنَمِ؛ قال الله تعالى:{لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ}[فصلت: ٣٧].
وَتَوَهَّمَ أَبُو هاشم التَّنَاقُضَ؛ فَرَدَّ النهيَ إلى القَصْدِ، وقال: يَعْصِي بِقَصْدِ سُجُودِهِ لِلصَّنَمِ خَاصَّةً، ولم يَنْتَهِ إِلى أنَّه قد يَجِبُ لأَحَدِ النوعينِ ما يستحيلُ على النوعِ الآخرِ باعتبارِ اختلافِ الفُصُولِ، وقد يَخْتَصُّ أَحَدُ الشخصينِ بما يَمْتَنِعُ على الآخرِ مع الاشتراكِ النَّوْعِيِّ؛ بسبب إِضافَةٍ، أو مَحَلٍّ.
أمَّا الوَاحِدُ بالشَّخْصِ المُتَعَدِّدِ بالجهة، فهو مَحَلُّ البَحْثِ.
ومسألة الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ المغصوبَةِ مِثَالٌ لهذا الأصلِ، لا أَنَّها مَقْصُودَةٌ فِي نفسها؛ فَإنَّ البَحْثَ فيها فَرْعِيٌّ.
وَحَظُّ الأُصُولِ: أنَّه مَتَى تَعَدَّدَتِ الجِهَةُ وأمكن انفكاكُ إِحْدَاهِمَا عنِ الأُخْرَى فِي العَقْلِ والوجود، ولم تَكُنْ إحداهما فِي وُجُودِهَا من ضرورة الأُخْرَى- فلا يَمْتَنِعُ الحُكْمُ على إِحْدَاهِمَا بالأَمْرِ، وعلى الأُخْرَى بالنهي، وإلَّا فلا.