قوله:"والجواب: أنَّه لما تعارضت الدلائلُ، كان قولنا أَوْلَى؛ لأنه أكثر فائدة" يعني: أن الوجوب يستلزم الصحة، ولا ينعكس، فكان أكثر فائدة؛ لدلالته على الوجوب والصحة معًا.
وما ذكره مِنَ التَّرْجِيحِ يعارضه أنَّه إِذا كان حقيقةٌ فِي الصحة، لم يكن فِي حمْلِه على الوجُوبِ عند القرينة مُخَالفَةُ أَصْلٍ؛ بخلاف العكس.
والأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الاستثناءُ على قدرٍ مشترك بين الداخل والصالح للدخول؛ دفعًا للمجاز أَيضًا؛ فإِنه على خلاف الأَصْل، فيقال: الاستثناء إِخراج الثاني مِنْ حكم الأول بـ "إلَّا" وأخواتها.
وقد ذكر فِي أول المسألة أن الدليلَ على العموم وجوهٌ، ولم يذكر سِوَى وَجْهَينِ.
ومما احتجَّ به المخصصة أَنَّ أظهرَ هذه الأسماءِ فِي اقتضاء العموم "مَنْ"، وقد سمع عن العرب تثنيتها، وجمعها فقالت: مَنْ، ومَنَانْ، ومَنُونْ، ومَنَهْ، ومَنْتَانْ، ومَنَاتْ.
والمرادُ مِنْ التثنية والجمع: التكثيرُ، ولا معنى لذلك لو كانت مفيدةً للكثرة المستغرقة.
وأُجِيبَ: بأن ذلك ليس تَثْنيةً حقيقة، ولا جمعًا حقيقيًّا، وإنما هي زيادات ألحقت فِي باب الحكاية للنكرات؛ حرصًا على البيان؛ بدليل أنَّهم لم يستعملوها فِي الوصْلِ، ولا فِي غير الحكاية، ولم يحرِّكُوا نونه، وإنَّما ذلك فِي حكايات النكرات مع الاستفهام خاصَّة، وفي البيت شذوذٌ من وجوهٍ: