للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيهِ السَّلامُ -: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: "لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ"؛ فَاحْتَجَّ عَلَيهِ بِعُمُومِ الِلَّفْظِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيهِ أَحَدٌ، بَل عَدَلَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ الله عَنْهُ - إِلَى الاسْتِثْنَاءِ، فَقَال: "أَلَيسَ قَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِلَّا بِحَقِّهَا"، وَالزَّكَاةُ مِنْ حَقِّهَا؟ ! ".

الثَّانِي: أَنَّ هذَا الْجَمْعَ مِمَّا يُؤَكَّدُ بِمَا يَقْتَضِي الاسْتِغْرَاقَ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا فِي الأَصْلِ لِلاسْتِغْراقِ:

أَمَّا الأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠].

أمَّا الثَّانِي - فَلأَنَّ التَّأكِيدَ هُوَ: اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى تَقْويَةِ مَا كَانَ ثَابِتًا فِي الأَصْلِ، وَلَوْلا أَنَّ هذَا الْجَمْعَ فِي الأَصْلِ يُفِيدُ الاسْتِغْرَاقَ؛ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَأْكِيدُهُ مُفِيدًا لِلاسْتِغرَاقِ.

الثَّالِثُ: لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الاسْتِغرَاقِ - لَكَانَ: إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ؛ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ قَاصِرٌ عَنْ ذلِكَ التَّعْيِينِ. أَوْ عَلَى بَعْضِ مُبْهَمٍ؛ وَهُوَ يُوجِبُ تَعْطِيلَ الْكَلامِ، أَوْ عَلَى الكُل إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ؛ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

===

مناسب، فترتيبُ الحكمِ عليه يقتضي التَّعْمِيمَ من جهة المعنى، فلا نسلم لهم أن العموم - ها هنا - من مجرد اللَّفْظِ، والنزاع عند عدم القرائن.

قوله: "وقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في قتال مانعي الزكاة: [أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]-: "أُمِرْت أَنْ أُقاتل الناس ... " إِلى آخره:

يرد عليه: لا نسلم أنهم فهموا العُمومَ مِنْ مجرد اللفظ، بل وبما استقر واشتهر، مِنْ ظهور دَعْوته للناس كافة؛ الأحمر والأسود.

قوله: "الثاني: أن هذه الجموع تؤكد بما يقتضي الاسْتغراق، فوجب أن يكون موضوعها في الأصل لِلاستغراق ... " إلى آخره.

اعْتُرِضَ عليه: بأن فهم الاستغراق كان لقرينةِ التوكيد.

قوله: "التوكيد تقوية ما كان ثابتًا في الأصل" يقال له: مسلم، ولكن لا نسلم ثبوته بطريق الظهور لولا المؤكد.

قوله: "الثالث: لو لم تُحْمَلْ على الاسْتغراق لكان: إما أَنْ يحمل على بعضٍ معين، وهو باطل؛ لأن اللفظ قاصر على ذلك المعين. أو على بعض مبهم، وهو يُوجِبُ التَّعْطِيل. أو على الكل إلَّا ما خصَّه الدليل، وهو المطلوب".

والاعتراضُ على قوله: "أنَّ اللفظ قاصر عن ذلك التعيين" أن نقول: يعني أنه: قاصرٌ في الكيفية، أو الكمية؟ :

الأول: مُسَلَّمٌ، والثاني: ممنوعٌ؛ فإِنَّ الأول متيقَّنٌ، فتعيَّنَ الحملُ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>