. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وَيَكونُ الحديثُ مُخْبِرًا عن ذلك، وهو ظاهِرُ قولِهِ -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ".
ولا في الثاني؛ لأَنَّ الحبسَ مُقَيَّدٌ بغايةٍ؛ لقوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء ١٥].
واحتجَّ الشَّافِعِيُّ بقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة ١٠٦] فأخبر أَنَّهُ هو الآتي بالنسخ وتَقْييدُهُ بالمِثل أو الخَبرِ والسُّنَّةِ ليست كذلك بالنسبة إِلى القرآن.
وبقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس ١٥].
وأُجِيبَ عن الأول: بأنَّ الكُلَّ من عند الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم ٣ - ٤] ويُحْمَلُ المِثْلُ أو الخير على مَصْلَحَةِ المُكَلَّفِ أو الثواب؛ إِذْ لا يَتَحَقَّقُ في نَفْسِ كلامِ الله تعالى ذلك.
وعن قوله: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس ١٥] بما تقدم.
والسنة بالكتاب خلافًا للشافِعِيِّ في أحد قوليه- واحتجَّ بنسخِ استقبال بَيتِ المَقْدِسِ بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة ١٤٤] وَبِنَسْخِ تحريم المُبَاشَرَةِ في الصوم بعد الاضطجاعِ في الليلِ بقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة ١٨٧].
وما ضُعِّفَ به من جوازِ نَسْخِ الاستقبالِ بالسُّنَّةِ، ثم أَمْرِهِ باستقبال القِبْلَةِ بالقرآنِ- ضَعِيفٌ وبعيد؛ فإنه تَوَهُّمٌ لا مُستَنَدَ له، وجوازُ تحريمِ المباشرة بقرآنٍ نُسِخَتْ تِلاوَتُهُ بعد.
احتجَّ الشَّافِعِيُّ، بأنَّ السُّنَّةَ بيانُ القرآنِ؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ} [النحل ٤٤] فلو بينت بالكتاب لصار المبين بيانًا.
وَرُدَّ: بأنه لا يلزم من كونه بيانًا في بعضٍ أَلَّا يكونَ مبينًا في بعضٍ.
وعُورِضَ: بقوله تعالى في وصف الكتاب: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيءٍ} [النحل ٨٩].
ويجوزُ نسخُ المتواتِرِ بالمتواتر؛ كآية عِدَّةِ الوفاة.
والآحادِ بالآحادِ، كما تقدم، والآحادِ بالمتواتِرِ بطريقِ الأَوْلَى.
ولا يجوزُ نَسخُ المتواتِرِ بالآحادِ، خلافًا لبعض الظاهرية؛ لأنَّ المظنونَ لا يُقَدَّمُ على المقطوع.
واحتجوا: بأنَّ أَهْل "قباء" تَحَوَّلُوا بخبر الواحد وبالقياس على التخصيص.
وأُجِيبُوا: بأنه قد تَقْتَرِنُ به قَرَائِنُ تُفِيدُ الْعِلْمَ، والفَرْقُ أَنَّ التَّخصيصَ لرفع مُتَوَهَّمِ الثُّبُوتِ؛ فيكفي فيه الظَّنُّ، والنَّسْخَ رَفْعُ ما تَحَقَّقَ ثُبُوتُهُ.
ويجوز النسخُ لا إلى بَدَلٍ عند الجمهور، بدليلِ نَسْخِ وجوب الصَّدَقَةِ بين يَدَي النجوى [لا] إِلى بدل.