من الآيات بما احتج بها على صِحَّتِهِ؛ كقوله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى: ١٠]. يفهم منه أن ما اتفقتم عليه فهو حق؛ وكقوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣]، وكقوله تعالى:{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}[الأعراف: ١٨١] ونحو ذلك.
قوله:"المشترك بين هذه الأحاديث كون الإجماع حجة، أو شيء يلزمه، أو لا هذا ولا ذاك":
قلنا: شيء يلزمه، وهو عصمتهم عن الخطأ والزلل كما قررناه؛ ويلزم منه وجوبُ الاتباع.
قوله:"الحديث دَلَّ على امتناع الضَّلال المكيف بكيفية العظمة؛ فلا يعم":
قلنا: بعض الأحاديث مشتملة على امتناع الْخَطَأ، وهو الأعمُّ المتيقن، والقدر المشترك فيعم، والله أعلم.
قوله:"الحجة الخامسة: قال إمام الحَرَمَينِ: "إِنَّ إِجْمَاعَ الجَمْعِ العَظِيم على القَوْلِ الوَاحِدِ لا يقع إلا بدَلِيلِ قَاهرٍ جمعهم عليه":
تَقرِيرُ هذه الحُجَّةِ أن هذا الاسْتِدْلال ذَكَرَهُ الإمَامُ فَرْضًا في صورة من صُوَرِ الإِجمَاع؛ فإن مَأخَذَهُ هذا لا يَعُمُّ سَائِرَ صُوَرِ الإِجْمَاعِ؛ وبيانه أن أهْلَ الحَلِّ والعَقد إذا كَانُوا عَدَدَ التَّوَاترِ، أو يزيدون، وقَطَعُوا بالحُكْمِ في مَحَلٍّ تَتَشَعَّبُ فيه الآرَاءُ، وَتَدقُّ فيه الظُّنُونُ مع تَبَايُنِ قَرَائِحِهِمْ -فلا يُتَصَوَّرُ ذلك إلا عَنْ جَامِعٍ قَاهِرٍ، فإن فُرِضَ اجْتمَاعُهُمْ على ذلك، وهم العَدَدُ الكَثِيرُ من