الصَّحَابِيِّ مَحمُولٌ على سُنَّةِ الرَّسُولِ - عليه السلام - ظاهرًا، واحتمال سُنَّةِ الخلفاء في إِطلاقِ التَّابعي أَقرَبُ ودونه قَولُ الصَّحَابِيِّ: عن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، واحتمال أنَّه من غَيرِهِ قَرِيبٌ.
ودونه أن يقول: كانوا يَفعَلُونَ كذا؛ كقول عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: "كَانُوا لَا يَقطَعُونَ في الشيءِ التَّافِهِ"، وهذا ظاهر في التَّشرِيعِ، والظاهر أنَّه إِجمَاع، أو تَقرِير من رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فهذه سَبْعُ مَرَاتِبَ.
فأمَّا رِوَايَةُ غَيرِ الصحابي: فإنَّها على سَبعِ مَرَاتِبَ أيضًا:
أَعلاهَا أن يَقُولَ: سَمِعتُ من فُلانِ. ثم إن كان الشَّيخُ قَصَدَ إِسمَاعَهُ وَحدَهُ، أو مع غَيرِهِ - جاز أن يَقُولَ: أَسمَعَنِي، وأَخبَرَنِي، وحدثني وإن لم يَقصِدْ إِسمَاعَهُ قال: أَخبَرَ، أَوْ حَدَّثَ.
الثَّانية: أن يَقُولَ السَّامِعُ للمسموع عليه بَعْدَ القِرَاءَه: أسمعت؟ فيقول: نَعَم، أو الأمر كما قرئ، وهو كَقِرَاءَتِهِ عليه؛ قال الحَاكِمُ: القِرَاءَةُ على الشَّيخِ إِخْبَارٌ، وعليه عَهِدنَا أَئمَّتَنَا، ونقله عن الأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ.
الثالثة: أن يكتب إليه، فلِلمَكتُوبِ إليه إن علم أنَّه خَطُّهُ، أو ظنه- أن يَقُولَ: أَخبَرَنِي؛ لأنَّ الكِتَابَةَ إِخبَارٌ، ولا يجوز.
الرَّابِعَةُ: أن يَقرَأَ عليه، فيقول له بَعْدَ السَّمَاع: أسمعت؟ فيشير بِرَأسِهِ، أو غير ذلك من أَنوَاعِ الإِيمَاءِ؛ فهي كالعِبَارَةِ في التَّصدِيقِ؛ فهو حُجَّة؛ لأنَّ المَقصُودَ منه الدَّلالةُ، لكن لا يَقُولُ: حَدَّثَنِي، ولا أخبرني، ولا سَمِعتُهُ مُطلقًا، بل يقول: حَدَّثني، أو أخبرني قِرَاءَةَ عليه، ويجوز في عُرفِ المُحَدِّثِينَ أن يَقُولَ: سَمِعتُهُ قِرَاءَةَ عليه ومُطلَقًا على الأَصَحّ.
ويجب العَمَلُ به، وفي الرِّوَايَةِ به خِلافٌ، وَأَجَازَهَا المُحَدَّثُونَ [و] الفُقَهَاءُ، وأَنكَرَهَا المُتَكَلِّمُونَ وبعض الظاهرية.
احتج المحدثون والفُقَهَاءُ بأن الإِخبَارَ: ما أفاد العِلمَ، أو الظَّنَّ، والسكوتُ والحالة هذه كذَلِكَ.
واحتج المُتَكَلِّمُونَ بأنه لم يُحَدِّثْهُ، ولم يخبره؛ فكان قولُهُ كذبًا.