للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا أَنَّا رَأَينَا أَنَّ الشَّارعَ أَجْرَى فِيهِ أَحْكَامَ الأَمْوَالِ أَكْثَرَ مِمَّا أَجْرَى فِيهِ أَحْكَامَ النُّفُوسِ، وَالْكَثرَةُ دَليلُ الْغَلَبَةِ؛ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ إِلْحَاقَهُ بِالأَمْوَالِ أَوْلَى.

===

الشَّرْعِ أشْتِراطُ النِّيَّة فِي التَّيَمُّمِ - لَمَا أَمْكَنَ اعتبارُهَا فِي الوُضُوءِ؛ بجامِع أَنَّها طَهارةٌ حُكْميَّةٌ. وَلَولا اسْتِقْرارُ الشَّرْعِ بأَنَّ فِي الجنايةِ عَلى طَرَفِ الحُرِّ نِصْفَ ديَةٍ- لَمَا أَمْكَنَ أنْ يُوجَبَ فِي طرفِ العبدِ نصفُ قيمتِهِ عَلى قَوْلٍ؛ فإنَّ نسبةَ يدِهِ إِلَى نَفْسِهِ كَنِسْبةِ يَدِ الحُرِّ إِلَى نَفْسِهِ؛ حَتَّى قَدَّمَ بعضُ العلماءِ هَذا الشبهَ الخِصِّيصَ على قياسِ المعنَى العامِّ فِي إيجاب قيمةِ مَا نقصَ بفواتِها بالنِّسْبَةِ إِلَى قيمتِهِ جميعه؛ كما في البهيمةِ، وَكُلُّ هذا شَبَهٌ مَعْنَويٌّ، وَقَدْ يَكونُ الشَّبَهُ خِلْقِيًّا، وَمِنْهُ معتبرٌ بِالاتِّفَاقِ؛ كَالواجب في جزاءِ الصَّيدِ، وَمنْهُ مُختَلَفٌ فيهِ، وَقَدْ رَدَّهُ بعضُ مَنْ قَال بِالشَّبَهِ المَعْنَويِّ لِضعْفِهِ؛ وَهُوَ كإلَحاقِ أَحدِ التَّشَهُّدَينِ بالآخَرِ فِي الوجوبِ، أَوْ الندبيةِ، وَكإلحاقِ المَني بالبَيضِ يتولُّدِ الحيوانِ الطاهرِ مِنهُ فِي طهارَتهِ، وَإلحاقِ الولَدِ بأَبِيهِ بالقيافةِ.

قولُه: "وَمِثَالُهُ أَنَّ العبدَ المقْتولَ خَطأ يُشْبِهُ الأَحرارَ فِي كونِهِ عَاقِلًا مُكَلَّفًا، وَمقتضَى هذا الوجْه اعتبارُ وجوب الدِّيةِ فيه، وَيُشْبِهُ الأَموال مِنْ حيثُ إنَّه يُباعُ ويشْتَرَى، وَمُقْتَضَى هَذا الوجْهِ اعْتِبَارُ وُجُوب القيمةِ أَوْلَى ... " إِلَى آخِرِهِ:

يَعْنِي: أَنَّهُ لَمَّا اشْتَمَلَ تفويتُهُ على تفويتِ النَّفْسِيَّةِ والمالية، وكان ضمان النفسية مقدرًا شَرْعًا بِقَدْرٍ لَا يزيدُ وَلَا ينقصُ، وَكَانَ الواجبُ فيهِ الإِبلَ، وكَانَ ضمانُ المالِ يَرْجِعُ فيما لا مِثْلَ لَهُ إِلَى قِيمَتِهِ بالغةً مَا بَلَغَتْ مِنَ النقدين، وَوقَعَ الاتفاقُ مِنَّا وَمِن أَبِي حنيفةَ أَنَّ قِيمَتَهُ لَوْ نَقَصَتْ عَن دِيَةِ الحُرِّ: لَمْ يَجِبِ الزَّائِدُ، وَأَنَّه يُضْمَنُ بِالنقدين-: قَوِيَ مِنْهُ فِيهِ شَبَهُ ضمانِ الماليَّةِ؛ فَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ الله- قِيمَتَهُ بالغةً مَا بَلَغَتْ؛ كإِتْلافِ البَهِيمةِ، وَغَلَّبَ أَبُو حنيفةَ فيهِ ضمانَ النفسيَّةِ؛ فَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>