وذَهَبَ الجَاحظُ والعَنبرِي إِلى أن كل مجتهد في الأصولِ مُصيب، وليس مُرَادُهُمَا أن الاعتقادَينِ على النقِيضِ حق معًا، ولا مطابِقَ للحقيقةِ؛ لأن ذلك معلومُ البُطلانِ بالضرورة، وإنما أرادا سُقُوطَ الإثمِ كما في الفُروعِ، وهو خلافُ الإِجماعِ من علماء الشريعةِ قاطبة. ثم العلم الضروري حاصل بأن النبي أَمَرَ اليهودَ والنصارَى بالإِيمانِ، وكَفَّرَهُم على الإصرَارِ، وقاتَلَهُم عليه، وكان يكشف عن مقتدرهم فيقتل من أَنبَتَ منهم من غير تَفصِيل، ولو كان فيهم معذُورون، لَبَحَثَ عنهم؛ صيانة لدم المعصُومِ؛ كما لو عَرَفَ فيهم مسلِمًا، هذا مع كَثرَةِ الآياتِ الدالة علَى وعيدِ الكفار مُطلَقًا لِمَن تَتبعها.
واختلَفُوا في أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هَل كَانَ مُتَعَبدًا بالاجتهادِ فيما لا نَص فيه؟ والظاهر جوازُه؛ وبه قال أحمدُ وأبُو يُوسُفَ.