أحكامَ الإيمَانِ مِنْ غَيرِ سؤالٍ عن مُعْتَقَدِهِ: أهو عَنْ دليلٍ أو تقليدٍ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاس، حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلَّا بِحَقِّها".
وكذلك الصحابَةُ مِنْ بَعْده قبلوا مِنْ غير تفصيلٍ، وهذا إجماعٌ واجبُ الاتباعِ.
وأجيبَ عَنْهُ: بأنه لا نِزَاعَ في إجراء أحكامِ الإسْلام عليهم بذلك؛ فإِنه مَظنَّةٌ للإيمانِ والتصْدِيق للباطن، وليس لَنَا طَرِيقٌ سِوَى ذلك؛ ولهذا قال - عليه السلام -: "هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ" وإنَّما البحْثُ فيما بَينَ العَبْدِ وَبَينَ رَبِّه، وعليه يُحْمَلُ ذَمُّ التقليدِ الوارِدِ في الكتابِ العَزِيزِ، ويحمل عليه إِجماعهمِ عَلَي ذَمِّ التقليدِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ إِجْمَاعَينِ لَا يتناقَضَانِ؛ كما ذكرناه، هذا طريق التوفِيقِ، وإنَّما لم يَسْأَلْهُمْ - صلى الله عليه وسلم -؛ لظهور الآياتِ مَعَ إقامَتِهِ على الدعْوَةِ لهم مُدَّةً طويلةَ يتلو عَلَيهم آياتِ الكتابِ، مع اشتمالها على دلائلِ التوحِيدِ، مع كثرتها كثرةً لا تَنْحَصِرُ، مع عِلْمِهِمْ بمواقِعِ الخِطَابِ، وإنما كان كُفْرُ أحدِهمْ كُفْرَ عنَادٍ لا كفر اسْتِتَارٍ؛ ولذلك فإنَّهُمْ عند الدخولِ في الدِّين يَدْخُلُونَ فيه أفواجًا.