الأَوَّلُ: إِذَا وَقَعَ التعَارُضُ بَينَ الاشتِرَاكِ وَالنَّقْلِ، فَالنَّقْلُ أَوْلَي؛ لأَنَّ عِنْدَ النَّقْلِ يُكُونُ اللَّفْظُ لِحَقِيقَةٍ مُفْرَدَةٍ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ؛ أَمَّا قَبْلَ النَّقْلِ: فَلِلْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَأَمَّا بَعْدَ النَّقْلِ: فَلِلْمَنْقُولِ إِلَيهِ، وَأَمَّا الاشْتِرَاكُ: فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالفَهْمِ فِي كُلِّ الأَوْقَاتِ؛ فَكَانَ النَّقْلُ أَوْلَى.
الثَّانِي: إِذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَينَ الاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ، فَالْمَجَازُ أَوْلَي؛ لأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي لَهُ مَجَازٌ؛ إِنْ تَجَرَّدَ عَنِ الْقَرِينَةِ، وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ حَصَلَتِ الْقَرِينَةُ، وَجَبَ حَمْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ؛ وحِينَئِذٍ: يُفِيدُ عَلَي كِلا التَّقْدِيرَينِ؛ بِخِلافِ الاشْتِرَاكِ.
===
وَأمَّا التقدِيمُ، والتَّأْخِيرُ: فقد بَيَّنَّا رجوعهما إلى المجاز في التركيب.
وقولُه: "فاعلم أَنَّ التعارض بين هذه الجهات الخمس يقعُ مِنْ عشَرةِ أَوْجُهٍ"، أصل هذه العشرة التّي ذكرها مِنْ عِشْرِينَ، ولكنه أسقط المتكرر؛ لأنا إذا أخرنا كلَّ واحد من هذه الخَمْسة، قابلناها بالأرْبَعةِ الباقية، فتكون أربعةً في خَمْسَةٍ: فهي عِشُرون، إلّا أَنَّ ما عارض الشيء فقد عارضه الآخر، فَلَا فائِدَةَ في عَدّه ثَانِيًا؛ فلهذا كلُّ ما عَدَّهُ في درجة لم يعده في الثانية.
قوله: "الأول: إذا وقع التعارض بين الاشْتراك والنَّقْل، فالنقل أَوْلَي".
مثاله لفظ "الزَّكَاةِ" في اللُّغَةِ موضوعٌ للنَّماءِ، وقد استعمله الشّرْعُ في الجزء المخرج، فاستعماله دَارَ بينَ الاشتراك والنقل، والنقلُ أوْلَي، لما ذكره.
وقد عُورضَ ما ذكره بأَنَّ النقل يتوقَّفُ على مُنَاسبةٍ، ووضع ثان، وغلبةِ استعماله في الثاني، والاشْتراكُ لا يتوقف إلا على وضع ثان، فكان المحذور فيه أَدْنَى.
وأُجِيبَ: بأَنَّا لا نعينه للنقل إلَّا مع كثرة الاسْتعمال، وحِينَئِذٍ تزول المفاسِدُ المذكورةُ.
قوله: "الثاني: إذا وقع التعارض بين الاشْتِرَاكِ، والمجاز، فالمجازُ أولى".
مثالُه: إطلاقُ لفظ الأَمْر على القول المخصُوصِ حقيقة.
واختُلِف في إِطلاقه على الفِعل، فقِيلَ: هو حقيقة أيضًا، فيكون مُشْتركًا، وقيل: مجازٌ؛ وهو الأَوْلَى لِمَا ذُكِرَ.
وقد عُورِضَ ما ذكره بأنَّ المجاز يتوقَّفُ على العَلاقةِ والاسْتعمال؛ بخلاف الاشْتراك؛ فإنَّه