للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إشارة إلى ما اقتضته الربوبية، من التوكل والتفويض والتسليم».

و {إِيَّاكَ} في الموضعين ضمير بارز منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم للفعل بعده أو «إيا» ضمير مبني في محل نصب مفعول به والكاف حرف خطاب، لا محل له من الإعراب. وهذا مذهب الأخفش، واختاره الزمخشري، وقال: «وعليه ... المحققون» (١).

وقُدم المفعول «إياك» على الفعل فى الموضعين للاهتمام (٢)، ولئلا يتقدم ذكر العبد والعبادة على المعبود (٣)، كقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} (٤)، وقوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَامُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (٦٤)} (٥)، ولئلا يتقدم ذكر الاستعانة والمستعين على المستعان به- جل وعلا كقوله -تعالى: {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١)} (٦).

وقُدم أيضًا لإفادة الحصر والاختصاص، لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر (٧) والاختصاص (٨)، لأن في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} تحقيق لمعنى «لا إله إلا الله»، ففي تقديم المعمول


(١) في «الكشاف» ١: ٩، وانظر «معالم التنزيل» ١: ٤١، «البحر المحيط» ١: ٢٣، «أنوار التنزيل» ١: ٩، «الجدول في إعراب القرآن» ١: ١٩.
(٢) انظر: «المحور الوجيز» ١: ٧٥، «الجامع لأحكام القرآن» ١: ١٤٥، «مدارج السالكين» ١: ١٠٢ - ١٠٣، «البحر المحيط» ١: ٢٤، «تفسير ابن كثير» ١: ٥٢.
(٣) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» ١: ١٤٥، «مدارج السالكين» ١: ١٠٢.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ١٦٤.
(٥) سورة الزمر، الآية:٦٤.
(٦) سورة التوبة، الآية: ٥١.
(٧) الحصر هو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.
(٨) انظر: «الكشاف» ١: ٩.

<<  <   >  >>